للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام (١): هذا ما لم يكن على جسد الجُنُب نجاسة، فإن كان على جسده نجاسسة فَعَرِقَ في الثّوب، نجس ومنع من الصّلاة فيه، وكذلك لو كان الثّوبُ نَجِسًا فَعَرِقَ فيه، نجس جسده (٢).

مسألة (٣):

قال: فإن أخذ الماء بِفِيهِ ليغسل به يده، فقدِ اختلفَ أصحابنا في ذلك؟ فرَوَى أشهب عن مالك في "العُتبِيّة" المنع منه (٤). ورُوِيَ عن ابن القاسم (٥) إباحة ذلك إذا نَوَى به الغُسل.

وقد رأيتُ أنّ أَسرُدَ هاهنا جملة من مسائل الغُسلِ من الجَنَابة، واختلاف نيَّة المكلَّف في ذلك، وأختمُ بذلك جملة الكلام في الغُسلِ من الجنابة. والّذي يرتبطُ به النِّظام في هذا المقام، ثلاث عشرة مسألة.

إحداها: هل على الجُنُب أنّ ينوي رفع الحَدَثِ الأكبر، بخلاف المتوضِّئ الّذي ينوي رفع الحَدَثِ فقط أم لا؟

قيل: الفرقُ بينهما؛ أنَّ الحَدَثَ الأصغر لا يحتاج فيه إلى تعيينٍ؛ لأنّ الحَدَثَ على ضربين: أكبر، وأصغر، فعلى أيّهما حمل نيَّته أجزأَه في الوضوء، للإجماع على أنّ نيَّةَ الجنابة تنوبه عن الوضوء، فإن حملناه على الحَدَثِ الأصغر، فذلك الّذي عليه، لكان حملناه على الأكبر، فقد أتَى بما عليه وأكثر. وبخلافه الجُنُب، فإنّ نِيّة الحَدَث الأصغر لا تجؤىء عن الأكبر، فلذلك وَجبَ عليه تعيين الحَدَث الأكبر في نِيَّتِهِ.

المسألة الثّانية:

هي إذا نوى الطّهارة مطلقة؟ فقال ابنُ شعبان: قال مالكٌ مرَّة: لا تجزئه، وقال مرّة: تجزئه، وتبعه على ذلك أكثر أصحابه، وقد تقدَّم وجه القولين في الوضوء.


(١) الفقرة التالية مقتبسة من المنتقى: ١/ ١٠٧ بتصرُّف.
(٢) انظر البيان والتحصيل: ١/ ١٣٣.
(٣) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ١٠٧.
(٤) ووجه هذا القول: أنّ ما ينضاف إلى الماء من الرّيق مع قلّته، يجعله ماء مضافًا ويمنع إزالة النّجاسة به. وانظر المدونة: ١/ ٢٩ في عرق الحائض والجنب والدواب.
(٥) رواه عنه موسى بن معاوية، كلما نصّ على ذلك الباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>