للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمعوا على أنّ من تيمَّمَ بعد طلب الماء ولم يجده، ثم وجدَ الماء قبل دخوله في الصّلاة؛ أنّ تَيَمُّمَهُ باطلٌ لا يجزئه أنْ يصلَّي به؛ لأنّه قد عاد لحالِهِ قبل التّيَمُّم.

واختلفوا إذا وجدَ الماء بعد دخوله في الصّلاة: فقال مالكٌ (١) والشّافعيّ (٢) وأصحابهما وداود والطّبريّ: إنه يَتَمَادَى في صلاته ولا يقطع وتجزئه؛ لأنّه إذا وجد الماء ولم يكن في الصّلاة، وجب عليه الوضوء به للصّلاة، وإذا كان في الصّلاة لم يقطعها لرؤية الماء وهو فيها (٣)؛ لأنّه لم تثبت في ذلك سنّة تُوجِب عليه قطعها بعد دخوله فيها، ولا إجماع يجب التّسليم له، قالوا: وليس قول من قال: "إنّ رؤيته الماء حَدَثٌ من الأحداث" بشيءٍ؛ لأنّ ذلك لو كان كذلك، كان الجُنب إذا تيمَّمَ ثمّ وجد الماء يعود كالمُحدِث لا يلزمه إلَّا الوضوء، فكان الّذي يطرأ عليه الماء وهو في الصّلاة بالتيمُّم - عند الكوفيين- يقطعها (٤) وَيبْنِي كالمُحدِث. والصّحيحُ أنّه لا يقطع.

نكتةٌ بديعة:

قال الإمام الحافظ أبو بكر: العُريَان إذا صلَّى وطرأَ عليه فيها ثوبٌ، أَخَذَهُ. والمتيمِّمُ إذا طرأ عليه الماء في الصّلاة، لا يقطع. الفرقُ بينهما أنّ المتيمِّمَ صلَّى بِبَدَلٍ وهو التَّيمُّم، والعريانُ ليس به بَدَلٌ. وقال عبد العزيز: لا يتيمَّم لنافلة.

قال الإمام: وهل على المتيمِّمِ تخليل أصابعه أم لا؟ فقال الشّيخ أبو إسحاق: عليه تخليل أصابعه، وليس عليه متابعة الغُضُونِ. قال الشّيخ أبو محمد: ولم أر تخليل أصابعه لغيره في التَّيمُّم إلَّا ما حكاه الشّيخ أبو إسحاق (٥).


(١) انظر عيون الأدلّة في مسائل الخلاف لوحة ١٠١/ أ. والإشراف: ١/ ٣٢) (ط. تونس).
(٢) انظر الحاوي الكبير: ١/ ٢٥٢.
(٣) لأنّ حال التّلبّس بالصلاة حال لا يلزمه فيه طلب الماء فلم يلزمه استعماله.
(٤) ويتوضأ.
(٥) انظر المنتقى: ١/ ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>