للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام: ولم يُحقّق هذا من طريق اللُّغة، إذِ الأمرُ فيه قريبٌ.

واختلف علماؤنا (١) أيجبُ الغُسْلُ على المستحاضة لكلِّ صلاةٍ؟ ورُوِيَ في ذلك آثارٌ كثيرة عن النَّبيِّ صلّى الله عليه. وقال جماعة من العلماء: يجب عليها أنّ تغتسل من طُهر إلى طُهرٍ، وهذا انقضاء أيّامِ دمِهَا أو أقلّ استحاضتها، هذا قول مالك وسائر فقهاء الأمصار؛ لأنّ الحديث لم يذكر فيه الوضوء لكلِّ صلاة، وقد علّل ذلك - صلّى الله عليه وسلم - بقوله (٢): "إِنمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيسَ بِالحَيضَةِ" ودَمُ العِرْق لا يُوجِبُ الوُضوء وضوء الصّلاة.

واختلف العلماء في نَقضِ المرأة رأسها للاغتسال.

فروي عن عبد الله بن عمر أنّه كان يأمر نساءه إذا اغْتسلن أنّ يّنْقُضْنَّ رؤوسهنّ (٣). وقال طاووس: تنقضُ المرأةُ رأسَها من المحيض، ولا تنقضُ من الجنابة.

قال الإمام: وهذه وَهْلَةٌ، إذ لا فَرْقَ بين الحَيضِ والجنابة. والمشهورُ عن مالك أنّه قال: ليس على المرأة نقْض شعرها من الحيض ولا من الجنابة، وهو قول الزّهريّ، والشّافعيّ (٤)، والكوفيَّين، وعامة الفقهاء.

مسألة (٥):

وأمّا أقلّ الطُّهْر فاختلف فيه على أربعة أقوال:

أحدها: قولُ ابن المَاجِشُون وروايته عن مالكٌ (٦)؛ أنّ أقلّه خمسة أيام، فكلّما قلَّ

الطُّهْرُ كَثُرَ الحَيض، وكلّما قلَّ الحَيض كَثُرَ الطُّهر، وهذا قولٌ ضعيفٌ جدًّا؛ لأنّه يقتضي

أنّ المرأة قد تحيضُ أكثر من نصف دَهْرِهَا، وذلك يردّه الأثر.


(١) المقصوده وابن بطّال في شرح صحيح البخاريّ: ١/ ٤٣٣ - ٤٣٥، ٤٤١ - ٤٤٢ وما عدا الفقرة الأخيرة مقتس منه بتصرف.
(٢) في حديث الموطَّأ (١٣٧) رواية يحيى.
(٣) رواه مسلم (٣٣١).
(٤) في الأم: ١/ ١٦٢، وانظر الحاوي الكبير: ١/ ٢٢٦.
(٥) هذه المسألة مقتيسة من المقدِّمات الممهدات: ١/ ١٢٦ - ١٢٧.
(٦) انظر هذه الرِّواية في الأشراف: ١/ ٥٠ (ط. تونس)، والمنتقى: ١/ ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>