للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - الأحكام:

اختلفَ العلماءُ -رضوان الله عليهم- في ذلك على ثلاثة أقوال:

القولُ الأوّل: أنّ بَوْلَ الجارية والغُلام يغسلان جميعًا وإن لم يأكلا الطّعام، قاله ابنُ القاسم (١) عن مالكٌ.

القولُ الثّاني: ائهما لا يُغسَلان، رواه الوليد بن مسلم عنه (٢)،

الثّالث: أنّه يُغسَل بَوْل الجارية دون بَوْل الغُلام، رواه عنه ابن وهب، وبه قال الشّافعيّ (٣) وأبو حنيفة (٤).

فوجهُ الأوّل: عموم قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "أمّا أَحَدُهُمَا فكانَ لا يَسْتَبرِىءُ من البَوْلِ" (٥) وكلُّ عمومٍ وردَ فيه.

وجه الثّاني: أنّ العلَّةَ في بَوْل الغُلام ألاّ يُغسَل عدم أكل الطّعام، وهذا المعنى موجودٌ في الأُنثى، وإذا وُجِدَتِ العلَّة لزم الحُكْم.

وجه الثّالث: ما رواه النّسائي (٦)، وأبو داود (٧)، والدارقطني (٨)، وغيرهم، عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه قال: " يُغسَلُ بولُ الْجَارِيَةِ، وُينْضَح بَوْلُ الغلامِ مَا لَمْ يطعما" وقد اتَّفق العلماء من أهل النَّقْل للحديث أنّ هذا ضعيفٌ (٩)، فلا معنى للتَّشاغُل به، وقد عَلّلَ النَّاسُ رواية ابن وَهْب بما لا أرضى أنّ أحكيه ههنا.

٤ - تحقيق:

قال الإمام: أطلق علماؤنا -رحمةُ الله عليهم- هذه الرَّوايات بهذه الألفاظ، ولم يحقِّقوا ولم يصحبهم بحثٌ. والقولُ الصّحيحُ في ذلك: إنْ كان المراد صبّ الماء


(١) في المدونة: ١/ ٢٧ في غسل بول الجارية والغلام.
(٢) أي عن الإمام مالكٌ، في كتاب: "مختصر ما ليس بالمختصر" نصّ على ذلك الباجي في المنتقى: ١/ ١٢٨ وقال: "هذه رواية شاذّة".
(٣) انظر الحاوي الكبير: ٢/ ٢٤٨.
(٤) نسبة هذا القول إلى أبي حنيفة فيها نظر. راجع مختصر اختلاف العلماء: ١/ ١٢٦.
(٥) أخرجه ابن الجارود (١٣٠)، والنسائي في الكبرى (٢١٩٦) من حديث ابن عبّاس.
(٦) في سننه الكبرى (٢٩٣) من حديث أبي السمح.
(٧) في سننه (٣٧٦).
(٨) ني سننه: ١/ ١٢٩.
(٩) انظر تلخيص الحبير: ١/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>