للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير من العلماء، بان يتأوّلوا غير موضع التّأويل في القرآن والحديثِ، فَتبطُلُ المسألة من أصلها.

كما تأوَّلَ أيضًا بعضُهم من قوله (١): "أُتِيَ بِصَبِيٍّ لَمْ يَأكُلِ الطَّعَامَ" أنّ بَوْلَ الأُنثى بخلاف بَوْلِ الذَّكَر، ويحتجُّون في ذلك بما لا أرضى أنّ أحكيه. وبَوْلُ الذَّكر والأُنثى سَوَاءٌ أَكَلَا الطّعام أو لم يَأْكُلا؛ لأنّ غذاءه من غذاء أمِّه، وما يستحيل عنه فحُكمُهُ كَحُكمِ ما يستحيل من أمَّهِ، وإنّما كان يكون للشافعيَّ (٢) ومن وافَقَهُ كلامٌ لو خُلِقَ المولودُ ابْتِدَاءً، وإلَّا فهو مخلوقٌ في بطن أمِّه من لحمها ودمها ورطوبتها؛ ولا شكَّ في أنّ حُكمَهُ كحُكمِها، واللهُ أعلمُ.

قال أبو محمد الأصيلي: لفظُ حديث النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في حديث أمَّ قَيسٍ (٣) إلى قوله: "فَدَعَا بمَاءٍ فَنَضَحَهُ" وما بعد ذلك هو من قول المحدَّث. وقوله: "وَلَمْ يَغسِلْهُ" هي زيادةٌ من الرّاوي (٤)، والله أعلم.

وفي الحديث: "يُغسَل بَوْلُ الصَّبيَّة ويُنْضَحُ بَوْلُ الغُلاَمِ ما لم يأكل الطَّعَامَ" (٥) فأخذ ابنُ وهبٍ بهذا الحديث، واحتجَّ في ذلك بأنّ الصَّبيَّ خُلِقَ من التُّرابِ، إذا طرح في الماء طاب، وَأن الصَّبِيَّة خُلِقَت من ضِلْعٍ، والضِّلْعُ إذا طُرِحَ في الماء نَتَنَ.

قال الشّيخ: ليس هذا الاستدلال بشيءِ، فلا يُعَوَّلُ عليه، والصّحيحُ الّذي لا غُبَارَ عليه هو ما قدّمناه، واللهُ أعلم،


(١) في الحديث السابق.
(٢) في الأم: ٢/ ٢٤٨.
(٣) في الموطَّأ (١٦٥) رواية يحيى.
(٤) أشار البوني في شرحه: ١٥/ أإلى قول الأصيلي.
(٥) سبق تخريجه صفحة: ٢٨٦، التعليق رقم: ٦ - ٨ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>