للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو صنعَ صانعٌ لم أَرَ به بَأسًا (١). قيل: معناه لو صنع هذا الّذي وقعَ في نَفْسي صانعٌ لم يُؤثَم به.

تفريع:

واختلفَ النَّاسُ هل على الرَّجلُ إذا صلّى نافلة وسمع (٢) المؤذّن، أنّ يقول مثل ما يقول المؤذّن، أم لا؟ فاختلف العلماء في ذلك على خمسة أقوال:

القولُ الأوّل: قال العراقيّون: المستحبُّ ألاّ يحكيه في قوله: "حيّ على الصّلاة" لأنّه دَعَا إليها.

القولُ الثّاني: قال ابنُ القاسم: من كان في صلاة نافلةٍ فإنّه يحكيه إنّ شاء، ومنع منه في الفريضة. وقال ابن وهب: يحكيه في الفريضة والنّافلة. وقال سحنون: لا يحكيه لا في فريضة ولا نافلة، وخالفه عبد الملك بن حبيب في ذلك. وقال سحنون: إذا كان في قراءة تَمَادَى في قراءته ولا يحكيه؛ لأنّه إنّ حكاه خلط عبادةً بعبادةٍ.

قلنا: والصّحيحُ ما قاله سحنون، وهو مذهب مالكٌ الّذي لا خلافَ عنه فيه، خلاف (٣) ما رواه ابن شعبان وأبو مصعب (٤) عن مالكٌ؛ أنّه يقوله في الفريضة والنّافلة، وهو قول ابن وهب واختارَه ابن حبيب.

وحجّة سحنون أقوى، وهو مذهب الشّافعيّ (٥)؛ لأنّ سحنونًا رأى أنّه أُرِيدَ بالحديث مَنْ ليس في صلاةٍ.

وحجّةُ الشّافعيّ: أنّ المؤذّنين يؤذّنون يوم عَرَفَة والإمام في خطبته، فلا يقول مثل ما يقولون ويَتْرُك ما هو فيه، فالمصلِّي أَوْلَى بذلك.

وقال الطّحاوي (٦): ولم أجد لأصحابنا في هذا نصًّا جليًّا. غير أنّ أبا يوسف قال: من أذَّنَ في صلاته عامدًا بطلت صلاته (٧). وهذا مذهب أبي حنيفة.


(١) حكاه عن الإمام مالكٌ الباجي في المنتقي: ١/ ١٣١.
(٢) غ: "نافلة إذا سمع".
(٣) من هنا إلى آخو التفريع مقتبسٌ -بتصرُّفِ- من شرح ابن بطّال: ٢/ ٢٤٠ - ٢٤١.
(٤) في شرح ابن بطّال: "وقال ابن شعبان: روى أبو مصعب".
(٥) انظر الحاوي الكبير: ٢/ ٥١ - ٥٢.
(٦) في مختصر اختلاف العلماء: ١/ ١٩٣ بنحوه.
(٧) كذا في النّسخ، والصّواب كما في شرح ابن بطّال: "من أذّن في صلاته إلى آخر الشّهادتين لم تفسد صلاته إنّ أراد الأذان".

<<  <  ج: ص:  >  >>