للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: تأخَّرَ إقباله، وصلَّى في الصَّفِّ الآخر (١)، فذلك شرُّها.

ثالثُها: سَبَقَ إلى النِّداء لكنّه صلّى في الآخر.

رابعُها: تأَخَّر عن إجابة الدَّاعي، فلمّا جاء المسجد دخل في الصَّفِّ الأوّل، قال العلماء: هما سواء. وعندي أنّ الرّابع أفضل من الثّالث، وفي ذلك تطويل لا يطال فيه النَّفَس في مثل هذا القَبَس.

وأمّا قوله (٢): "لاستَهَمُوا عليه" فَيتصوَّرُ الاستهامُ في الصَّفِّ الأوّل عند ضَيقه وإقبال الرَّجُلَين إليه في حالة واحدةٍ. فإن كان أحدهما أفضل فالموضعُ له، وإن تساوَت حالهما وتَشَاحَّا (٣)، أقرع بينهما. وأمّا تَصَوُّرُ الاستهام في الأذان فمُشْكِلٌ، وقد اختصم قومٌ بالقادسيّة في الأذَان، فأَقرع بينهم سَعْد (٤)، وهذا إنّما يكون بشرطين: أحدُهما: أنّ يتساوَيَا في الأَمانة (٥)، قال النَّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "الإمَامُ ضَامِنٌ، وَالمُؤَذِّنُ مُوتَمَنٌ" (٦).

الشّرطُ الثّاني: أنّ يكون صاحب الوقت، فهكذا يكون الاستهام إذا وقع التّشاحُّ. فهذا أذّن أمينُ الوقتِ، أَذَّنَ بعدَه من شاء من غير حَجْرٍ.

ويُتَصَوَّرُ الاستهامُ أيضًا في صورة أخرى، وهي صلاة المغرب، فإنّه ليس لها إلَّا وقت واحد، كذلك لا يؤذِّن لها إلا مؤذِّنٌ واحدٌ.

أمّا فضل التّهجير، فليس فيه حديثٌ صحيحٌ في الشّريعة، بل إنّه رُوِيَ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه قال:"أَوَّلُ الوَقْتِ رِضْوَانُ اللهِ" (٧) وفي الحديث الصّحيح فيه جملة كافيةٌ، وهي قولُه: "لا يزال أحدُكُم في صلاةٍ ما كان ينتظرُ الصَّلاةَ" (٨).


(١) م:"الأوّل".
(٢) في حديث الموطَّأ (١٧٤) رواية يحيى.
(٣) جـ:"تشاجرا".
(٤) هو سعد بن أبي وقّاص والأثر أورده البخاريّ معلَّقًا في كتاب الأذان (١٠) باب الاستهام في الأذان، ووصله ابن حجر في تغليق التعليق: ٢/ ٢٦٥ من طريق البيهقي في السنن ١/ ٤٢٨ (ط. عطا).
(٥) جـ: "الإمامة".
(٦) أخرجه الطيالسي (٢٤٠٤)، وعبد الرزاق (١٨٣٨)، والحميدي (٩٩٩)، وأحمد: ٢/ ٣٢، وأبو داود (٥١٨)، والترمذي (٢٠٧)، وابن حيان (١٦٧٢) من حديث أبي هريرة.
(٧) أخرجه من حديث ابن عمر الترمذي (١٧٢)، والدارقطني: ١/ ٢٤٩، والحاكم: ١/ ١٨٩، والبيهقي: ١/ ٤٣٥ وحكم بشار عواد معروف على الحديث بالوضع، انظر تعليقه على الترمذي.
(٨) أخرجه البخاريّ (١٧٦)، ومسلم (٦٤٩) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>