للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول (١):

قوله: "إنَّ بِلالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ" توهَّمَ بعضُ علمائنا أنّ هذا الحديث دليلٌ على صِحَّة العمل بخبر الواحد، وليس موضوعُ الحديث هذا، وإنّما موضوعه أنّه يجوز الاكتفاء بالواحد عن الاثنين وعن الجماعة في صحة العمل على قوله، إذا جُعِلَ ذلك إليه وقُلِّدَ به، كما قال النّبي - صلّى الله عليه وسلم -: "واغدُ يَا أُنَيْس عَلَى امْرَأَةٍ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَت فَارْجِمْهَا" (٢)، فاكتفَى بالواحد، وسيأتي تحقيق هذا في كتاب الحدود إنّ شاء الله.

الفوائد المتعلِّقة بهذا الحديث:

وهي سبعُ فوائد:

الأُولى:

فيه من الفقه: جوازُ شهادة الأعمى، خلافًا لأبي حنيفة (٣) فإنّه لا يُجيز شهادة الأعمى.

وفيه: قَبُول خَبَرِ الواحد على من يرى ذلك قويًّا في الباب.

وفيه: جوازُ الشّهادة على الصّوت (٤).

وفيه: أنّ الفِطرَ يجوز إلى طلوع الفَجْر.

وفيه: دليل على أنّ المجاز يستعمل كما تستعمل الحقيقة؛ لأنّه لا يؤذّن حتّى يقال له: أصبحت أصبحت، أي: قاربتَ الصّبح، فاستعمل أصبحت على المجاز؛ لأنّه لو أصبح لم يصحّ الأكل، ولم يرد النّبي - صلّى الله عليه وسلم - بقوله: "حتّى يُنَادِي ابن أم مَكْتُومٍ" تفسير النِّداء، وإنّما أراد الصَّباح.

تكملة:

فالأذان إنّما هو الإعلام (٥) بالصّلاة، وهو شعار المسلمين، وكلمة الدِّين، والفَرق بين المؤمينن والكافرين، يُسَكِّن الدَّهماء، ويحقن الدّماء، وهو فرض في الجملة، سنّة


(١) انظره في القبس: ١/ ٢٠٥.
(٢) أخرجه البخاريّ (٢٣١٤ - ٢٣١٥)، ومسلم (١٦٩٧ - ١٦٩٨) من حديث زيد بن خالد وأبي هريرة.
(٣) انظر مختصر الطحاوي: ٣٣٢، ومختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٣٣٦.
(٤) قاله البوني في تفسير الموطَّأ: ١٦/ ب. وابن بطّال في شرح البخاريّ: ٢/ ٢٤٦.
(٥) م: "إعلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>