للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضُ المغاربة: إنّ الغَبَشَ -بالشّين المعجمة- يكونُ أوّل اللّيل وآخره. والغَبَسُ لا يكون إلَّا آخر اللّيل، وهذا وَهمٌ. بل قال ابنُ فارس (١): الغَبَشُ بقيّةُ اللَّيْل.

والإسفار: الضّوء، مأخوذٌ من أَسْفَرَ، أي: تَبَيَّنَ وانكَشَفَ، وهو الصّباح، ويعضده ما رواه أبو داود (٢): "أصبحوا بالصّبح (٣) فإنّه أعظم للأَجْرِ" والفجرُ مأخوذ من تَفَجّر الشَّيء إذاظَهَر.

تأصيل (٤):

اتّفق العلماءُ على أنّ أطول الصّلاة قراءة الفَجْر، وبعدها الظُّهر، بَيْدَ أنّ البخاريّ (٥) لم يدخل غير حديث أبي (٦) بَرْزَةَ؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الصُّبحِ ما بين السِّتَّين إلى المِئَةِ، وذكر (٧) عن أمّ سَلَمَة؛ أنّه قرأ بالطُّور، وعن ابنِ عبّاس في الباب بعد هذا (٨)؛ أنّه -عليه السّلام- قرأ: بقُلْ أُوحِيَ إِليَّ أَنَّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ، السُّورة.

وذكر ابنُ أبي شَيْبَة (٩) حديث سماك، عن جابر بن سَمُرة؛ أنّ قراءة النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - كانت: بقاف والقرآن المجيد ونحوها.

واختلفتِ الآثارُ عن الصّحابة في ذلك، فرُوِيَ عن أبي بكر أنّه قرأ بسورة البقرة في الرّكعتين (١٠). وعن عمر أنّه قرأ بيونس، وهود، وقرأ عثمان بيوسف وبالكهف. وقرأ عليّ بالأنبياء (١١). وقرأ عبد الله بن مسعود بسورتين الآخرة منهما بنو إسرائيل (١٢). وقال معاذ بالنساء (١٣). وقرأ عُبَيْدة بن الجَرَّاح بسورة الرَّحمن


(١) في معجم مقاييس اللُّغة: ٤/ ٤١٠ نقلًا عن ابن عبيد.
(٢) في سننه (٤٢٤) من حديث رافع بن خُدَيْج.
(٣) في النسخ: "أسفروا بالفجر" والمثبت من العارضة.
(٤) هذا التأصيل مقتبس من شرح ابن بطّال: ٢/ ٣٨٥.
(٥) في صحيحه (٥٤١).
(٦) "أبي" زيادة من شرح ابن بطّال.
(٧) أي البخاريّ في (باب القراءة في الفجر) (١٠٤) معلّقًا، وقد وصله ابن حجر في تغليق التعليق: ٣/ ٣٠٩.
(٨) أي باب الجهر بقراءة صلاة الفجر (١٠٥)، الحديث (٧٧٣) من صحيح البخاريّ.
(٩) في مصنفه (٥٣٤٣).
(١٠) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (٢١٨) رواية يحيى.
(١١) أخرجه عبد الرزاق (٢٧٠٨).
(١٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٥٥٠) من حديث كهيل بن أبي عمرو الثسيباني.
(١٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٥٥٣) من حديث عمرو بن ميمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>