للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنّما ساقَهُ ونبَّهَ عليه لشُهْرَيهِ ورِضَى النّاس به ليَقْتَدُوا به، فإنَّ مالكًا لم يكن مشهورًا كشهرته، والله أعلم.

الفقه (١):

قوله: "فَيَغْمِزُني" في الصّلاة، قال عيسى بن دينار: يغمزُ بيَدِه دون الغَمْزِ بالعَيْنِ، يَستَدْعِيهِ أنّ يفتح عليه. وقد أجاز مالكٌ وغيره الفَتْح على الإمام في صلاة الفريضةِ والنَّافِلَةِ، وذلك أنّ المُرتجَ عليه والفَاتِح لا يخلوان أنّ يكونا في صلاةٍ واحدةٍ، أو في صلاتَيْنِ. أو يكونَ المُرْتَج عليه في صلاة، والفاتح عليه في غير صلاةٍ. فإن كانَا في صلاةٍ (٢)، فلا خلافَ أنّ الفَتْحَ عليه لا يُبْطِلُ الصّلاة (٣)، ولم ير بِه مالك (٤) بأسًا، وكرهه الكوفيّون (٥).

وإن كانا في صلاتين فلا يفتح أحدهما على الآخر، فإن فتح عليه، فقد قال ابنُ القاسم في "المجموعة": قد أبطلَ صلاتَهُ وهو بمنزلةِ الكلام. وقال ابنُ حبيب: لا يعيدُ. وبه قال أشهب.

ولا بأس أنّ يفتحَ من ليس في الصّلاة على من هو في صلاة، قاله مالكٌ في "المختصر" (٦).

والفَتْحُ على الإمام إنّما يكونُ إذا أُرْتِجَ عليه وإذا غَيَّرَ قِرَاءَته. فأمّا عند الإرْتجاج (٧)، فهو إذا وقفَ ينتظرُ التَّلْقِينَ. وأمّا إذا غّيَّرَ القراءة، فلا يُفْتَح عليه وإنْ خرجَ من سورةٍ إلى سورة، أو قرأ آية أخرى (٨) ما لم (٩) يَخْلِط آية رحمة بآية عذابٍ، فإنّه يُنَبَّه على الصّواب لئلَا يخرج إلى الكفر.


(١) كلامه في الفقه مقتبس من المنتقى: ١/ ١٥٢ - ١٥٣.
(٢) أي في صلاة واحدة.
(٣) في النسخ: "فلا خلاف أنّ الفاتح عليه أبطل الصّلاة" والمثبت من المنتقى، ونعتقد أنّه هو الصواب.
(٤) في المدونة: ١/ ١٠٣ في الإمام يتعايا في الصّلاة.
(٥) انظر مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٩٩.
(٦) انظر الأقوال السابقة نقلًا عن مجموعة ابن عبدوس ومختصر ابن عبد الحكم في النّوادر والزيادات: ١٢٠/ ١.
(٧) في المنتقى: "الارتتاج" وهو أسد.
(٨) في الملتقى: "أو من آية إلى أخرى".
(٩) في النسخ: "فلم" والمثبت من المنتقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>