للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيهٌ:

واعلم أنّ الحمدَ لا يتصوَّر من الذّام (١)، إلّا في حقِّ البارئ تعالى، فإنَّ كُفْرَ الكافر به حمدٌ له. ويجب أنّ تَعلَمَ أنَّه لا يحمد المحمود على غير فِعْلِهِ إلَّا هو، فإنه حَمِدَ الخَلْقَ وأثْنَى عليهم وليس لهم فِعْلٌ، إنّما الفعلُ له، والحمدُ له ومنه.

تنزيهٌ:

فينبغي للعبد أنّ يحمدَ مولاَهُ وينزِّهَهُ عن كلِّ عَيْبٍ ونَقْصٍ، فإنّه الّذي استوجبَ الحمدَ والثّناءَ، وإنه العالِم الّذي لا يَخْفَى عليه شيءٌ, وإنّه الرّقيبُ الّذي أَحْصى كلَّ شيءٍ، وإنّه الشّهيد الّذي لا يغيبُ، وإنّه الحافظ بكلِّ معنى، وإنّه الّذي يجب له الكمال، وإنه الّذي يستحيل عليه الزّوال، وإنّ التّصديقَ والتَّكذيبَ إليه، والصَّادقُ الّذي يستحيلُ الكذبُ عليه.

المسألة الثّالثة:

قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٢) فالعبدُ به يستعين وهو المُعين، إذ لا مُعينَ سِواهُ. "فَهَذ بَينَهُ وَبَيْنِ عَبْدِهِ"، نصٌّ على أنّها آيةٌ واحدةٌ.

وقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} (٣) "فَهُؤُلاَءِ لعَبْدِي" نصٌّ أيضًا على أنّها أكثرُ من آيةِ واحدةٍ. وبذلك صارتِ الفاتحةُ سبعَ آياتٍ بإسقاط "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ".

خاتمة:

فإن قيل: أين القِسْمَة في الفاتحة؟

قيل: إنّ القِسْمَةَ عند قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} هو لله (٤) تعالى، والنّصف الثّاني من قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ} إلى آخر السُّورة للعَبْدِ بلا خلافٍ.


(١) ع، جـ: "الذم".
(٢) الفاتحة: ٥.
(٣) الفاتحة: ٦ - ٧.
(٤) غ: "هو الله"، جـ: "هذا لله".

<<  <  ج: ص:  >  >>