للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي القرن الثّاني عشر وما يليه، سوف نقفُ على كُتبٍ تكادُ تتقارب أغراض التّأليف فيها، وها كُتُبٌ مرتبطة بالمدن، فكتاب ابن عَيْشُون في "أخبار الصَّالحين من أهل فاس" وقريب منه كتاب محمّد بن جعفر "الصُّلحاء والعلماء من أهل فاس" ولا يبعد كثيرا عنهما كتاب العبَّاس بن إبراهيم التّعارجي، فهو في الّذين حلّوا مرّاكُش وأغمات من الأعلام. وقد سبق كتاب "جَذْوَة الاقتباس" وهو من بابة هذه الكتب، يغترف مما تغترف منه، ويسير على منوالها.

فأمّا ابن عَيْشُون الشَّرَّاط؛ فإنّ ترجمته لأبي بكر ابن العربيّ في كتابه "الرَّوْض العَطِر الأنفاس بأخبار الصّالحين من أهل فاس" (١) لا تخلو من جديد، إذ نقل عن أبي القاسم بن أحمد البلوي المعروف بالبُرْزُليِّ [ت.٨٤١ هـ] في "نوازله" (٢) خبر حفظه من "كتاب ابن الصيرفي" أنّ ابن العربيّ كان له شُرَط يطلُبون أهل الخمر، أمّا ابن الصيرفي فالغالب أن يكون هو أبو بكر يحي بن محمّد بن يوسف الأنصاري الغرناطي (ت.٥٥٧) فإن يكن هو المعْنِيّ؛ فإنّه يكون من معاصِرِيهِ، وتكون الأخبار الّتي يسجّلها مما ينبغي أن تُتَلَقَّي بمزيد الاعتبار، ولكن البُرْزُليّ أبهم اسم الكتاب، فاحتجنا إلى البحث والتنقيب، فغلب على الظَّنِّ أن لا يخرج عن أحد كتابيه: "الأنوار الجلية في أخبار الدولة المرابطية" والرّجل مؤرِّخٌ معاصِرٌ لهذه الدّولة، مرتبط بها بأقوى الوشائج؛ لأنّه


(١) ٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧ باعتناء زهرة النظام، رسالة ماجستير بكلية الآداب بجامعة محمّد الخامس، بالرباط.
(٢) المسمى: "جامع مسائل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام": ٦/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>