للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّهار. كما يكون الغدوّ من طلوع الشّمس إلى الزّوال، وذلك عند المتأخّرين (١) محمولٌ على المجاز، كما قالوا "القافلة" وهي لا تكون في ابتداء سيرها قافلة حتّى ترجع، فأطلقوا (٢) عليها في الابتداء اسم الانتهاء. وقالوا: "حاج" و"غاز" ولا يكون إلَّا بعد الرُّجوع من (٣) البلوغ.

قال الإمام: وإنّما يكون هذا على مقتضى السُّنَّة، لا على عادة الخَلِيفَة اليوم في أنّ يجعلوا الأذان كلّه بعد جلوس الإمام، وليس ذلك بشيءٍ.

وأمّا أيمّةُ الأمصار من الفقهاء والمحدِّثين، فاختلفوا في ذلك فذَهبت (٤) طائفة إلى أنّها أوّل طلوع الشّمس، هذا قول الكوفييّن وجماعة من المُحَدِّثة.

وأجاز الشّافعيّ (٥) البكور إليها قبل طلوع الشّمس.

وقال مالكٌ: لا يكون الرَّواحُ إلَّا بعد الزَّوالِ (٦)، والَّذي يقع في قلبي أنّه أراد عليه السّلام ساعة واحدة فيها هذا التّقسيم (٧).

قال الخطّابي: وحجّة مالك في هذا كلِّه؛ أنّ السّاعات كلّها ساعة واحدة، كقولهم: جئت من ساعة (٨) وقعدتُ عند فلانٍ ساعة، ويريد جزءًا من الزّمان غير مُقَدَّر ولا معلوم، غير السّاعات الّتي هي أوراد اللّيل والنّهار وأقسامها.

واختار ابنُ حبيب (٩) القول الأوّل، وقال: "تأويل مالكٌ لهذا الحديث محالٌ وتحريفٌ، وذلك أنّه لا تكون ساعات في ساعةٍ واحدةٍ، والشّمس إنّما تزول في السّادسة من النّهار، وهو وقت الأذان وخروج الإمام إلى الخطبة".

قال الإمام الحافظ (١٠): وقولُ ابن حبيب خطأٌ لا خفاءَ فيه؛ لأنّ أهل العلم


(١) في العارضة: "الآخرين".
(٢): "والقول".
(٣) في النسخ: (عن) والمثبت من العاوضة.
(٤) من هنا إلى آخر المسألة مقتبس من شرح البخاريّ لابن بطّال: ٢/ ٤٨٠.
(٥) في الأم: ٣/ ٦٥، وانظر الحاوي الكب في الكبير: ٢/ ٤٥٢.
(٦) انظر الموطَّأ (٢٧١) رواية يحيى.
(٧) في شرح ابن بطّال: "التّفسير" ..
(٨) غ، جـ: "ساعة واحدة".
(٩) في تفسير غريب الموطَّأ: ١/ ٢٣١.
(١٠) الكلام موصول للإمام ابن بطّال.

<<  <  ج: ص:  >  >>