للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَمَضَان اسْمٌ مِنْ أَسْمَاء اللهِ، وإِنَّ القَائِلَ إِذَا قَالَ: شَهر رَمَضَان؛ أنّ المُرَاد بِذَلِكَ شْهر الله" (١) وهذا ضَعِيفٌ سَنَدًا ومعنىً. أمّا طريقه فلم (٢) يصحّ، وأمّا معناه فساقطٌ، لقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "إِذَا جَاءَ رَمَضَان" (٣) وهذا يدلُّ على أنَّه اسمٌ من أسماء الشَّهر، وقد كانت العرب تُسَمِّيه في الجاهلية قبل أنّ يأتي الشّرع (٤)، وهذا بَيِّنٌ في بابه، وسيأتي الكلام عليه في "كتاب الصّيام" إنّ شاء الله.

وشهر رمضان مُرَغَّبٌ فيه على الجملة والتّفصيل، ولفَضْلِهِ أنزلَ اللهُ القرآنَ فيه جملةً إلى سماءِ الدُّنيا، ثم أُنْزِلَ نجومًا بعد ذلك مرَّة أخرى، حتّى استوفاه اللهُ تعالى، فلمّا استوفاه، استأثر اللهُ برسوله، ورفَعَهُ إليه، إلى الرّفيق الأعلى.

الفائدة الثّانية:

قوله (٥): "مَا مَنَعَنِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُم إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ" فيه لعلمائنا ثلاث روايات:

إحداها: أنّ الله أَوحَى إليه ما قاله، فقال النّبيُّ: إذا كانْ الفَرضُ بسبَب التّمادي فأنا أقطعه.

الثّاني (٦): أنّ الله رَفَعَ التَّكليفَ عن عباده لكَيْ يُثِبَهُم على ذلك، فإذا تكلَّفْنَا ما رفَعَ عنَّا، أُلْزِمْنَاهُ، كقول الله تعالى: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (٧) فردَّ عليهم الذَّمَّ، لأنّهم التزموا أمرًا لم يلزموهُ ولم يُرَعوا حقّه (٨).

الثّالث (٩): إنّ مَنْ كان قَبلَنَا كان إذا عمل عملًا لزمه، وكانت عقوبة، فخَشِيَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - أَنْ تُوخَذَ أُمَّته بذلك، والله أعلم.


(١) لم نجده من حديث ابن عبّاس، ووجدناه من حديث أبي هريرة، رواه ابن عدي في الكامل في الضّعفاء: ٧/ ٥٣، وأبو تمّام الرازي في فوائده (٢٤١)، والبيهقي: ٢٠١٤.
(٢) جـ: "فلا".
(٣) أخرجه البخاريّ (١٨٩٨)، ومسلم (١٠٧٩) من حديث أبي هريرة.
(٤) تتمة الكلام كما في القبس: "بأسماء الله تعالى وصفاته".
(٥) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطَّأ (٣٠١) رواية يحيي.
(٦) كذا بالنُّسَخ. ولعلّ الصواب: "الثّانية".
(٧) الحديد: ٢٧.
(٨) م، غ: "عليه".
(٩) كذا بالنُّسَخِ، ولعلَّ الصّواب: "الثّالثة".

<<  <  ج: ص:  >  >>