للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختار مالك (١) أنّها الصُّبح، واختار أبو حنيفة أنّها العصر (٢).

وحُجَّةُ من قال: إنّها الصُّبح، فإنّها فاتحة العمل وإنّ القنوت لا يكون إلَّا فيها، لقوله: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (٣).

وأيضًا: فإنّ صلاتها تعدلُ قيام ليلة.

واحتجَّ من قال: إنّها الظّهر، أنّها إذا صلّاها ظهرت ووقع الابتداء بها، فكان لها فضل؛ لأنّها أوّل صلاةِ صلّاها جبريل بالنّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.

واحتجَّ من قال: إنّها العصر، بما تقدَّمَ من الأحاديث الصِّحاح في "مسلم" (٤) و"البخاريّ "، ولم يصحِّحه البخاريّ ولا أَدْخَلَهُ في كتاب الصّلاة، وإنّما أدخله في كتاب المغازي في غزاة الخَندَق (٥).

واحتجّ من قال: إنها المغرب، بأنّها ذات وقتٍ واحدٍ لا تأخيرَ لها.

واحتجّ من قال: إنّها الجمعة، بأنّ شروطها أكثر، فدلَّ بها أنّها أفضل.

واحتجّ من قال: إنّها أُخْفِيَت في الصّلوات، كما أخفيت ليلة القَدْر في الشَّهر.

قال الإمام: والصّحيحُ عندي أنّها مخفيةٌ؛ لأنّ الأحاديث لم تُبيَّنها, ولا صحَّحَها أبو عبد الله (٦) لاختفائها زيادةً في فضلها، فعلى هذا هي مخبوءةٌ في جُمْلَةِ الصّلوات كما الكبائر في جملة الذّنوب، ترغيبًا منه في فضل الطاعة، وترهيبًا لاجتناب المعصية.

الأصول (٧):

قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} الآية (٨)


(١) في الموطَّأ (٣٧٠) رواية يحيي، وانظر المعلم للمازري: ١/ ٢٨٨.
(٢) انظر شرح معاني الآثار: ١/ ١٦٧.
(٣) البقرة: ٢٣٨.
(٤) الحديث (٦٢٧) عن عليّ.
(٥) الحديث (٤١١١) عن عليّ.
(٦) في النُّسَخِ: "الترمذي" والمثبت من العارضة, لأنّ أبا عبد الله البخاريّ لم يصحِّحها، أمّا الترمذي فقد صححهاَ في جامعه الكبير (١٨١ - ١٨٢).
(٧) انظره في أحكام القرآن: ١/ ٢٢٣.
(٨) البقرة: ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>