للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت جماعة أخرى: تُقصَرُ الصّلاةُ في قليل السَّفَر وكثيره، واحتجوا بقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} الاَية (١) وهذا عامٌ، وقال قوم: ليس بعامٍّ، وإنّما هو مُجْمَلٌ.

قلنا: لا نُسَلِّم أنّه من باب المُجْمَلِ؛ لأنّ المُجْمَلَ ما لا يفهم المراد منه من لفظه ويفتقر في البيان إلى غيره، مثل قوله: {وَءَاتُواحَقَّهُ يَومَ حصاده} (٢).

وأمّا (٣) مذهب مالكٌ أنّه قال: يوم وليلة، فرَوَى ابنُ القاسم أنَّه رجع عنه.

وقال ابن حبيب: تُقصَرُ في أربعين مِيلًا، وهو قريب من أربعة بُرُدٍ. ورَوَى أشهب عن مالكٌ القصر في خمسة وأربعين مِيلًا.

ورَوَى ابنُ القاسم أنّه من قصرَ في ستّة وثلاثين مِيلًا أنّه لا يعيد.

وقال ابنُ الموَّازِ عن ابن عبد الحَكَم: إنه يعيد في الوقت، فإن قَصرَ في أقلّ من ذلك أَعَادَ أَبَدًا.

وقال أبو حنيفة: لا تُقصَرُ الصّلاة في أقلّ من مسيرة ثلاثة أيّام (٤).

المسألة الثّانية (٥):

إذا ثبت هذا من مراعاة المسافات في الْبَرِّ، فإنّ حُكمَ البحر في ذلك كحُكمِ الْبَرِّ، فإن كان السَّفَر بَرٌّ وبَحْرٌ، فقد قال ابن الماجِشُون: إنّ كان في أقصاه باتِّصال الْبَرّ والبحر مسافة القصر قصر.

وقال ابن الموّاز: إنْ لم يكن في الْبَرِّ مسافة قَصْرٍ (٦)، وكان المركب لا يبرح إلّا بِالرَّيح، فلا يقصر في الْبَرِّ حتّى يركب البحر ويبرز عن الْبَرِّ بشيءٍ (٧)، وإن كان يجري بالرَّيح وغيرها، فليقصر من حين يخرج بالبرّ (٨).


(١) النِّساء: ١٠١.
(٢) الأنعام: ١٤١.
(٣) من هنا إلى آخر المسألة انتقاه المؤلِّف من المنتقى: ١/ ٢٦٢.
(٤) انظر كتاب الأصل: ١/ ٢٦٥، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ٣٥٥، والمبسوط: ١/ ٢٣٥.
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٦٢.
(٦) " قصر" زيادة من المنتقى.
(٧) في المنتقى: " عن المرسى".
(٨) في النُّسَخِ: "وغيرها، فلا بقصر حتّي يخرج في البرّ" والمثبت من المنتقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>