للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّالثة:

فهذا ثبت هذا، فنقول: إنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قنتَ في الصُّبحِ والمغرب والعشاء، فاستقرَّ عمل أهل المدينة على أنَّ القنوتَ في الصُّبح. وهو الدُّعاء، وهو الطّاعة، ولا يكون إلَّا في قيامٍ كما فَعَلَهُ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، فقد اجتمعتِ الثّلاثة في معنى واحد.

المسألة الرّابعة (١):

إذا ثبت هذا، فالقنوتُ عند مالكٌ (٢) قبل الرُّكوع أفضل، وهو الّذي اختاره مع جملة من أصحابه.

واختار الشّافعيّ (٣) بعد الرُّكوع، واختاره أيضًا ابن حبيب (٤).

والدّليلُ على مذهب مالك: خبر أنس المذكور، وهو نَصٌّ في موضع الخلاف.

ودليلنا من جهة المعنى: أنَّ القنوتَ قبل الرُّكوع أَوْلَى؛ لأنّه سبب لإدراك صلاة بعض من يأتي بعده (٥). وإذا جعل بعد الرُّكوع لم تكن فيه فائدة لمدرك الصَّلاة.

المسألة الخامسة (٦):

رأى ابن حنبل (٧): أنّ قُنوتَ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - إنّما كان لسببٍ فيما كان (٨) ينزل بالمسلمين، والأحكامُ إذا كانت معلولة بالأسباب زالت بزَوَالها.

ورأى مالكٌ والشّافعيّ أنّ ذلك من كَلَبِ العدوّ ومفزعته، معنى دائمًا، فدامَ القنوتُ بدَوَامِهِ، ونظروا أيضًا إلى أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - استمرَّ عليه فقَضَى باستمراره (٩).


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٨٢ بتصرُّف.
(٢) في المدونة: ١/ ١٠٠.
(٣) انظر الحاوي الكبير: ٢/ ١٥٠ - ١٥١.
(٤) يقول المؤلِّف في العارضة: ٢/ ١٩٢ "ثبت أنّه - صلّى الله عليه وسلم -، قنت قبل الرُّكوع وبعد الرّكوع".
(٥) في المنتقى: "يأتي ممّن سبقه الإمام".
(٦) انظرها في القبس: ١/ ٣٤٨.
(٧) انظر المغني لابن قدامة: ٢/ ٥٨٦.
(٨) م: "في مكان".
(٩) يقول المؤلِّف في العارضة: ٢/ ١٩٢ "ثبت أنّه قنت لأمر نزل بالمسلمين من خوفِ عدوٍّ وحدوث حادث، ولكن قنت الخلفاء بالمدينة، وسنّه عمر، واستقر بمسجد رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، فلا تلتفتوا إلى غير ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>