للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي آخر: "محجوبٌ بين السّماء والأرض (١)، فهذا جاءتِ الصلاةُ صعدَ الدُّعاءُ".

تمهيد على قاعدة:

قد نخلَ العلماءُ من أهل الحديث هذه الأحاديث فقالوا: قد اختلفت الرِّواية في لفظ الحديث الصّحيح على ثلاثة أوجه:

أحدها (٢): طريق كعب بن عُجْرَة؛ أنَّه قال: قلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نُسَلِّم عليك، فكيف نصلِّي عليك؟ فسكتَ حتّى أنزل الله الآية، فقال: "قولوا: اللهمّ صلِّ على مُحَمَّد" الحديث (٣).

فتولّى الله بيان فضل الصَّلاة على النَّبيّ (٤)، وأنزله بالوحي، فصار حدًّا محدودًا، لا يحلُّ لأحدِ الزّيادة فيه ولا النّقصان منه.

تنبيه على وهم (٥):

إلَّا أنّه وهم في ذلك شيخُنا أبو محمد بن أبي زيد وهمًا قبيحًا خفي عليه فِيه علم الأثر والنّظر، فقال (٦) في صفة (٧) الصَّلاة على النَّبيّ (٤): "اللهمَّ صلِّ على محمّد .. وارْحَمْ مُحَمَّدًا" وقوله: "وارْحَمْ محمَّدًا" كلمة ليس لها أصلٌ إلَّا في حديث ضعيفِ وردت فيه زيادة خمسة ألفاظ: اللَّهمَّ صَلَّ، وارْحَمْ، وبارِكْ، وتحتَّنْ، وسَلِّم (٨). ومثلُ هذا الحديث لا ينبغي أنّ يُلْتَفَتَ إليه في العبادات. ثمّ نزلَ أبو محمد


(١) في الشِّفا: "كلُّ دعاءٍ محجوبٌ دون السّماء" والحديث أخرجه بنحوه الطبراني في الأوسط (٧٢١). عن عليّ موقوفًا، قال الهيثمي في المجمع: ١٠/ ١٦٠ "ورجاله ثقات" والبيهقي في الجامع لشعب الإيمان (١٤٧٤، ١٤٧٥) بإسناد ضعيف. وقال المنذري في الترغيب: ٢/ ٥٠٥ "ورفعه بعضهم والموقوف أصحّ".
(٢) انظر هذا الوجه في القبس: ١/ ٣٥٥.
(٣) أخرجه البخاريّ (٣٣٧٠)، ومسلم (٤٠٦).
(٤) - صلّى الله عليه وسلم -.
(٥) انظره في القبس: ١/ ٣٥٥ - ٣٥٦.
(٦) في الرسالة: ١٢١.
(٧) "صفة" زيادة من القبس.
(٨) أخرجه الحاكم: ١/ ٢٦٩ من حديث ابن مسعود. كما أخرجه من حديث علي بن أبي طالب البيهقي في شعب الإيمان (١٥٨٨) وقال: ٥ وهو إسناد ضعيف، كما أورده القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ١٤/ ٢٣٥ ونقل عن ابن العربي قوله: "من هذه الرِّوايات صحيح ومنها سقيم، وأصّحها ما رواه مالكٌ [في الموطّأ: ٤٥٦ رواية يحيى] فاعتمدوه، ورواية غير مالكٌ من زيادة الرَّحمة مع الصَّلاة وغيرها لا يقوى، وإنّما على النّاس أنّ ينظروا في أديانهم نظرهم في أموالهم، وهم لا يأخذون في البيع دينارًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>