للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّانية (١):

واختلفَ العلماءُ، هل يجوز أنّ يسلَّمَ عليه في المسجد أو غيره أم لا؟

فذهب منهم ذاهبون إلى أنّه لا يجوز أنّ يُسَلَّمَ عليه؛ لأنّه في شُغُلٍ عن ردِّ السّلام، وإنّما السّلامُ على من يمكنه رَدُّهُ.

واحتج صاحب هذا القول بحديث ابن مسعود، عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه سلّم عليه والنَّبيُّ يصلِّي فلم يردَّ عليه، فلمّا سلِّمَ، قال: "إنّ في الصّلاةِ شُغُلًا" (٢).

قال الإمام: والحُجَّةُ لنا حديث جابِر المتقدِّم (٣)، وحديث ابن عمر عن صُهَيبٍ؛ أنّه حدَّثَهُ، قال: "كنتُ مع النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في بني عَمْرو بنِ عَوْفٍ، وكان الأنصار يدخلون عليه وهو يصلِّي فَيُسَلِّمون (*)، فيردّ عليهم إشارةً بِيَدِهِ - صلّى الله عليه وسلم - (٤).- رواه مالك وأيّوب عن ابن عمر عن صُهَيب بمعنى حديثِ مالك.

المسألة الثّالثة (٥):

قال الإمام: وقد تأوَّلَ بعض أهل العلم في حديث صُهَيْب؟ أنّ إشارته - صلّى الله عليه وسلم - كانت إليهم (٦): لا تفعلوا، وهذا وإن كان محتملاَ، ففيه بُعْدٌ، والأوّلُ أظهرُ.

المسألة الرّابعة (٧):

ولم يختلف الفقهاء أنّ من ردَّ السّلام وهو يُصلِّي كلامًا مفهومًا مسموعًا أنّه قد أفسدَ صلاتَهُ، وعلى هذا قول مالك، وأبي حنيفة، والشّافعيّ، وأحمد، وجمهور الأيِمَّة وأهل العلم.

المسألة الخامسة (٨):

وقد رخّص قومٌ من أهل العِلْم مِنَ التّابعين منهم الحسن وقَتَادَة (٩)، أنّهم


(١) هذه المسألة مقبسة من الاستذكار: ٦/ ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٢) أخرجه البخاريّ (٣٨٧٥)، ومسلم (٥٣٨).
(٣) الجملة السابقة من إضافات المؤلِّف على نصِّ الاستذكار. (*) "فيسلمون" زيادة من الاستذكار.
(٤) أخرجه أحمد: ٢/ ٣٣٢، والدارمي (١٣٦٨)، وأبو داود (٩٢٥)، والتّرمذيّ (٣٦٧)، والنّسائي في الكبرى (١١٠٩)، وابن الجارود (٢١٦)، وابن حبّان (٢٢٥٩).
(٥) هذه المسألة مقبسة من الاستذكار: ٦/ ٢٩٣.
(٦) في النُّسَخِ: "اللهم" والمثبت من الاستذكار.
(٧) هذه المسالة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٢٩٤.
(٨) هذه المسألة مقتسة من الاستذكار: ٦/ ٢٩٥.
(٩) رواه عنهما عبد الرزّاق (٣٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>