للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدةُ السّادسةُ:

قوله: "يَجْتَمِعُونَ في صَلاَةِ الفَجْرِ" خاصّة "والعصر" وأظنُّ من مال إلى هذه الرِّواية أنّه احْتَجَ بقوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (١) ويحتملُ (٢) أنَّه ذَكَرَ قرآنَ الفجرِ من أجلِ الجَهْرِ بالقراءة فيها؛ لأنّ العصرَ لا تُجْهَرُ فيها القراءة.

الفائدة السّابعة:

قوله: "قرآن الفجر" قال علماؤنا: فيه من الفقه: أنّه سَمَّى (٣) القرآن صلاة، وقد تُسَمَّى الصّلاة قرآنًا.

الفائدة الثّامنة (٤):

قال بعضُ أهلِ النظَر: في هذا الحديث فضل المُصَلِّين، لقولهم: "تَرَكْنَاهُمْ وَهُم يُصَلُّونَ، وأتَينَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ" ولم يذكروا سائرَ الأعمال، ففيه دليلُ فَضْلِ المُصَلِّينَ من هذه الأُمَّة، وأن الصّلاةَ أفضل الأعمال.

الفائدة التّاسعة (٥):

قوله تعالى (٦): "كَيْفَ تَرَكْتُم عِبَادِي؟ " قال علماؤنا: سؤالُ الباريء سبحانه للملائكة ليس هو سؤال استخبارِ، فإنّه أعلَمُ بهم وبسِرِّهِم وجَهْرِهِم، وإنّما هو على معنى التَّعَبُّد الّذي كلَّفَهُم وأَمَرَهُم أنّ يكتبوا ويحصوا جميع أعمال العباد.

قال ابنُ العربي: إنّما هو سؤالُ تشريفٍ شَرَّفَهُمْ بِذِكْرِهِ، قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - لأُبَيِّ بن كعب: "إنّ الله أَمَرَني أنّ أَقرَأَ عليكَ"، فقال: أَوَ ذُكِرْتُ هُنَاكَ؟ فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ (٧).

قال: فتقولُ الملائكةُ: "تَرَكنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ" فيحبُّ البارئ أنّ يسمعَ ذِكرَهُم بالطَّاعةِ.

قال أهلُ الإشارة: إنّما ذلك لتقوم الحُجَّةُ على الملائكة حين قالت: {أَتَجْعَلُ


(١) الإسراءِ: ٧٨.
(٢) هذا الاحتمال مقتبسٌ من الاستذكار: ٦/ ٣٢٢.
(٣) ف: "يسمِّي".
(٤) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٢٣.
(٥) انظرها في القبس: ١/ ٣٦٤.
(٦) في حديث الموطّأ (٤٧٢) رواية يحيى.
(٧) أخرجه البخاريّ (٤٩٦١)، ومسلم (٧٩٩) من حديث أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>