للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَوَى مالكٌ أنّه قال: قد يقرأُ القرآنَ من لا خَيْرَ فيه (١)، والعِيَانُ في أهل هذا الزَّمانِ على صِحَّةِ هذا الحديث كالبرهان.

الفائدة الثّالثة (٢):

قوله (٣): "يُطِيلُونَ الخُطْبَةَ، ويَقْصُرونَ الصَّلَاةَ" يعني: أنهم يخالفون السُّنَّة في ذلك.

وفيه معنى آخر: أنّ (٤) الخُطبَةَ معناها الوعظ، والصلاةُ عملٌ من أعمال البِرِّ. فمعنى ذلك: أنّ وَعْظَهُم يكثرُ وعملهم يقلُّ.

وفيه (٥): أنّ طُولَ الصَّلاة محمودٌ ممدوحٌ عليها صاحبها (٦)، وهذا للمنفرد، وأمّا من أمَّ جماعةَ، فإنّ التّخفيفَ له محمودٌ.

وأمّا قصر الخُطبة، فسُنَّةٌ مسنونةٌ، كان رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - يخطبُ بكلماتٍ قليلةٍ طيِّباتٍ حِسَانٍ، وأهل العلم يكرهون التشَدُّقَ والتَّقَيْهُقَ. وإنهم يكرهون من المواعظِ ما يُنْسِي بعضُه بعضًا لطُولهِ، ويستحبُّون من ذلك ما وَقفَ عليه السّامعُ الموعوظُ فاعتبرَهُ بعدَ حِفْظِه له، وذلك لا يكون إلَّا مع القِلَّةِ، وابنُ مسعود هذا هو القائل: كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يتخَوَّلُنَا بالموعظةِ؛ مخافةَ السّآمةِ علينا (٧).

وها أنا أذكر خُطَبَ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - والصّحابةِ على ما اقتضاهُ الخاطرُ والعارضةُ (٨): روى عبد الرّحمن بن عابس (٩)، عن رَبِيعَة (١٠) قال: كان عبد الله بن مسعود يخطبنا


= شعب الإيمان (٦٩٥٩)، يقول الهيثمي في مجمع الزوائد: ٦/ ٢٢٩ "رواه أحمد والطبراني، واحد أسانيد أحمد ثقات".
(١) جاء في هامش ج: "وقد تؤول ذلك، فقيل: أراد ولا خير فيه، وقيل: أراد ولا فقه عنده".
(٢) من هنا إلى آخر الفقرة الثّانية مقتبس من المنتقى: ١/ ٣٠٩.
(٣) أي قول ابن مسعود في حديث الموطّأ (٤٧٩) رواية يحيى.
(٤) في المنتقى: "لأنّ".
(٥) من هنا إلى آخر الفقرة الثّانية مقتبس من الاستذكار: ٦/ ٣٤٦ - ٣٤٧.
(٦) في الاستذكار: "ممدوح عليه صاحبه".
(٧) أخرجه البخاريّ (٦٨)، ومسلم (٢٨٢١).
(٨) ف: "والمعارضة".
(٩) في النسختن: "عياش" والصواب ما أثبتناه.
(١٠) كذا في النسخ، وفي مصنف ابن أبي شيبة: "حدثنا عبد الله بن عائش [وهو تصحيف لابن عابس]، قال: حدثني إياس [وهو تصحيف لناس] " أو في الزهد لهناد: "ثنا عبد الرّحمن بن عابس، قال: حدثني ناسٌ". وهو الصّواب. =

<<  <  ج: ص:  >  >>