للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالٌ، فبدأَ بالعامّ الفريضة قبل الخاصّ تَارَةً، وبدأَ في موضع آخر بآكد منها مراعاةً للرُّتْبة.

الفائدة الرّابعة عشرة:

ذكر النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - الزّكاةَ، ولا خلاف بين الأُمَّة في وُجُوبِها، ورضوانُ الله على من مَهَّدَهَا حين كادت أنّ تَخِرَّ دعائهما، وقال: "لأَقْتُلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَلَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلى رَسُولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - لَقَاتَلتُهُمْ عَلَيْهِ" (١).

الفائدة الخامسة عشرة:

ذَكَرَ له الزَّكاة مُجمَلًا؛ لأنّ اعتقاد وُجُوبِها على كلِّ مسلم، وترك له البيان إلى وَقْتِ الحاجة كما سبقَ، وكذلك فَعَلَ في الصّوم.

الفائدة السّادسة عشرة:

قولُه: "وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ" قَيَّدْنَا فيه عن علمائنا أربع تأويلات:

الأوّل - يعني: لا أزيد على اعتقاد وجوبها اعتقاد وجوب سواه.

التّأويل الثّاني - يعني: لا أزيد على إبلاغَ قَوْمِي ما سمعتُ منكَ.

التّأويل الثّالث: لا أزيد عليه فِعْلا وَاجِبًا، وإن تطوَّعت فتطوَّعًا أُنْزِلُ الواجبَ واجبًا والتّطوَّعُ تَطَوَّعًا.

التّأويل الرّابع: ظن ظانُونَ أنّه حلفَ ألّا يتطوَّع بخيرٍ، وإنّما حملهم على ذلك ما رواه ابن جعفر المَدَنِي (٢) صاحب مالك في هذا الحديث؛ أنّه قال: "والَّذِي أَكْرَمَكَ بالحَقِّ لَا أَتَطَوَّعُ شَيئًا وَلاَ أَنْقُصُ مِنَ الْفَرْضِ" (٣) وروايةُ مالك أصحّ، على أنَّه يحتمل أَن يكون النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - قَبِلَ ذلك منه؛ لأنّه كان في ابتداءِ الاسلامِ (٤).

الفائدة السّابعة (٥) عشرة:

قوله: "أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ" (٦) ما كان يكون أرفع للشَّغبِ لو كان: "أَفْلَحَ وَاللهِ" كما رُوِيَ في تلك النُّسْخَة، وكان يَجِىءُ مطابقًا لقول السّائل: "لَا أَزِيدُ" لكنّ


(١) أخرجه البخاريّ (١٣٩٩)، ومسلم (٢٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) هو أبو إسحاق إسماعيل بن جعفر (ت. ١٨٦) قارىء أهل المدينة. انظر تهذيب الكمال (٤٢٦).
(٣) أخرجه البخاريّ (١٨٩١).
(٤) انظر المنتقى: ١/ ٣١٤.
(٥) ت:"الثامنة"، جـ "السّادسة" ولعل الصّواب ما أثبتناه.
(٦) هي رواية مسلم (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>