للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آدَم، فلا يُوصلُ إلى كيفيّة ذلك، وأظنُّه مجازًا كناية عن حَبْسِ الشّيطان وقِلَّةِ نشاطِ ابن آدم (١) عن القيام في آخرِ اللَّيلِ وعَمَلِ البرِّ.

وقيل: إنها عُقَدُ السِّحْر، من قوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)} (٢) كما تَقَدَّم ذِكرُ.

الفائدة الثّانية (٣): فيه دليلٌ على أنّ ذِكرَ الله عزَّ وجلَّ يُطرَدُ به الشّيطان، وكذلك الوُضُوء والصّلاة، لما فيهما (٤) من ذكر الله تعالى، وطردُ الشّيطانِ بالتِّلاوة والذِّكْر، والأذان مجتمع عليه معلومٌ.

كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّدُ ويقولُ: "اللَّهُمَ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيطَانِ وَهَمْزِهِ وَنَفثِهِ وخَبْلِهِ" (٥).

قال عبد الملك (٦): أمّا هَمزُه: فالخَبْطَةُ (٧)، وأمّا نَفْثُهُ: فالسِّحْرُ، وأمّا خَبلُه: فالجُنون.

الفائدة الثّالثة (٨): قال أبو عمر (٩): "يُرْوَى "عُقَدُهُ" ورُوِيَ " عُقدَةٌ" على لفظ الواحد.

وقد زعم بعضى الشّارحين للحديث؛ أنّ معنى قوله: "أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ" معارضة (١٠) لما رُوِيَ عن النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - من حديث عائشة وغيرها: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسي، وَلْيَقُلْ: لَقِسَت نَفْسِي" (١١).

قال الإمام (١٢): وليس هذا بشيءٍ من المعارضةِ، وإنّما في حديث عائشة كراهية إضافة المرءِ إلى نفسه لفظة "الخُبْثِ"، كما رُوِي عنه أنّه سُئِلَ عن


(١) ج: "الإنسان".
(٢) الفلق: ٤.
(٣) الفقرة الأولى من هذه الفائدة انتقاها المؤلَّف من الاستذكار: ٦/ ٣٦٨، والتمهيد: ١٩/ ٤٥.
(٤) ف: "فيه".
(٥) أخرجه ابن ماجه (٨٠٨)، وابن خزيمة (٤٧٢) من حديث ابن مسعود، بلفظ: "ونفخه" بدل "وخبله".
(٦) في تفسير غريب الموطَّأ: ١/ ٢٥٠.
(٧) في النسختين: "الخطية" والمثبت من تفسير الموطّأ.
(٨) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٦٨.
(٩) في المصدر السابق.
(١٠) ف: "معارض".
(١١) أخرجه البخاريّ (٦١٨٠)، ومسلم (٢٢٥١) من حديث سهل بن حنيف ولَقِست بمعنى ساءت خُلُقها. انظر مشارق الأنوار: ١/ ٣٦٢.
(١٢) الكلام موصول للإمام ابن عبد البرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>