للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقيقة (١) فقال: "لَا أُحِبُّ الْعقُوقَ" (٢) وكأنّه كره الاسم".

الفائدة الرّابعة (٣): قوله: "فَيَنَامُ لَيْلًا طَوِيلًا" أمّا النّوم، فقد يكون آفة، وغير آفة، كما رُوِيَ؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - انصرفَ من الصّلاة فلم ير عَلِيَّا، فأقبل إلى ابنته - رضي الله عنها - فألفاها نائمة معه، فَنَبَّهَهُ وأهله وعاتبهما، فقال عليٌّ: يا رسول الله، إنّما أَرْوَاحُنا بيَدِ الله إذَا نِمْنَا، يُرسِلُها اللهُ إذا شاء فانصرفَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - وهو يقولُ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (٤).

وأمّا من كانت عادَتُه القيام إلى الصّلاة المكتوبة، أو إلى النّافلة (٥) من اللّيل، فغلَبَهُ عنها (٦) نومه، فقد جاء عنه - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه يُكتَب له أجر صلاته، وكان نَوْمُهُ صَدَقَة عليه (٧).

وأمّا قول على: "وإِنَّمَا أَنْفسَنَا بيَدِ اللهِ" فهذا مطابقٌ لقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} الآية (٨).

ومعنى هذا الباب أنّه ندب على القيام آخر اللّيل، والذِّكر في الأسْحَار والاستغفار، فإنّ أحسن (٩) أحواله أنّ يكون مستيقظًا عند الفَجْر، فيكون متأَهَبًا بالوُضُوء للصّلاة، والله أعلمُ.

الفائدة الخامسة (١٠): قوله:"عَلَيْكَ لَيلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ" فيه تسويفٌ له بالقيام والإلباس عليه، فإنّ في بقيّةَ اللَّيلِ من الطُّولِ ما فيه فُسْحَة، واللهُ أعلمُ. والحمد لله ربِّ العالمين.


(١) جـ:"العقيق".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٤٢٤٤)، وأحمد: ٢/ ١٨٢، وأبو داود (٢٨٤٢)، والنسائي في الكبرى، والحاكم: ٤/ ٢٣٦، والبيهقي: ٩/ ٣٠٠، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٤/ ٣١٧.
(٣) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٦٩ إلَّا أنّ ابن العربي تصرف فيها ببعض الزِّيادات.
(٤) الكهف: ٥٤، والحديث أخرجه- مع اختلاف في الألفاظ- البخاريّ (١١٢٧)، ومسلم (٧٧٥) من حديث عليّ.
(٥) جـ: "نافلة" والاستذكار: "نافلته".
(٦) جـ: "عنه" الاستذكار: "عينه".
(٧) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (٣٠٧) رواية يحيى.
(٨) الزّمر: ٤٢.
(٩) في الاستذكار: "أقلّ".
(١٠) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى ١/ ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>