للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} (١). يقتضي بقيّة صلاة النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - كلَّها، وإذا اقتضى ذلك، وَجَبَ أنّ يسلَّم؛ لان آخر صلاته السّلام.

وقال غيرُه (٢): وهذا أشبه بالأصول؛ لان المأمومَ أَبَدًا إنّما يقضي بعد فراغ إمَامِه وسلامه، فهو أَوْلَى.

الحديثُ الخامس (٣): حديث جابر (٤)، حُكِيَ عن الشّافعيّ (٥)؟ أنّه قال به، وقال: صلاةُ الخَوْفِ يُصَلِّي الإمامُ بكل طائفةٍ ركعتين، وهو على أَصْلِهِ في جواز صلاة المفترض خَففَ المُتنَفُّل، ولم يحفظ ذلك (٦).

وقال أصحابه: وهذا إذا (٧) كان في سَفَرِ، وهو مُخَيَّرٌ عنده بين القَصْر والإتمام في السَّفَر. ولم يُحْفَظ عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه صلَّى صلاةَ الخوفِ قطّ في حَضَرِ، ولم يَكن له حَرْبٌ في حَضَرٍ إلَّا يوم الخندق، ولم تكن نزلت عليه صلاة الخوف بَعْدُ.

ودفع مالكٌ هذا التأويلَ مع أبي حنيفة (٨)، وقال أصحابهما: إنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لم يكن مسافرًا، وإنّما كان في حَضَرٍ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ على باب المدينة.

قال الإمامُ (٩): لا يصحّ أنّه كان في حَضَرٍ؛ لأنّ جابرًا ذكر انّهم كانوا بذاتِ الرِّقَاع، وقد كانت صلاة الخوف قد نزلت؛ وكانت غَزْوَةُ ذات الرِّقَاع على خمسٍ من الهِجْرَةِ.

وقوله (١٠): "يَوْمِ ذَاتِ الرِّقَاعِ" أضاف اليوم إلى جَبَلٍ يقال له الرِّقاع، فيه بياضٌ وحمرةٌ وسَوَادٌ.


(١) النِّساء: ١٠٢
(٢) أي غير المهلّب بن أبي صفرة.
(٣) الحديث وشرحه اقنبسهما المؤلِّف من شرح ابن بطّال: ٢/ ٥٣٤.
(٤) الّذي رواه مسلم (٨٤٠).
(٥) انظر الحاوي الكبير: ٢/ ٣١٦، ٤٥٩.
(٦) قوله: "ولم يحفظ ذلك" من زيادات المؤلِّف على نصّ ابن بطّال.
(٧) "إذا" زيادة من شرح ابن بطّال يقتضيها السّياق.
(٨) انظر المبسوط: ٢/ ٤٧ - ٤٨.
(٩) الكلام التالي هو للمهلّب بن أبي صفرة، كما نصّ على ذلك ابن بطّال. والجملة الأخيرة من هذه الفقرة من زيادات ابن العربي.
(١٠) أي قول صالح بن خَوَّات في حديث الموطَّأ (٥٠٣) رواية يحيى. والفقرة التالية مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>