للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام: وغُدَيقَة تَصغِيرُ غَدَقَة، والغَدَقَةُ: الكثيرةُ الماءِ، مصداقُه قولُه تعالى: {مَاءً غَدَقًا} (١) أي كثيرًا، وقد يكون التّصغير هنا أُريدَ به التّعظيم.

قال عمر بن الخطّاب في ابن مسعود: كنُيفٌ مُلِىء عِلْمًا (٢)، وقيل: إنّ قولَ عمر كان لِصغَرِ (٣) قَدِّ ابن مسعود ولَطَافَةِ جِسْمِه.

وقول رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - هذا القول خَرَجَ على العادة المعهودة من حِكْمَةِ (٤) اللهِ وفَضلِهِ؛ لأنّه لا يعلم نزول الغَيْث إلَّا الله سبحانه، قال الله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (٥) هذا قولُ الجمهور من أهل السُّنَّة.

الأصول:

قال القاضي أبو بكر بن الطَّيِّب (٦): وكيف يجتمعُ في قَلْب مؤمنٍ تصديقُ الرُّسُل (٧) وتصحيحُ الآيات، مع الاعتقاد بتصحيح أحكام النُّجوم، وقد سمع الآيات الواردة عليهم والأحاديث القاطعة بهم؟ أمّا الآيات، فقوله: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (٨) وقوله: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} الآية (٩)، ولقول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "من أَتَى كاهِنًا أو عَرَّافًا أو مُنَجِّمًا فَصَدَّقَه بما (١٠) يقول، فقد كفر بما أُنْزِلَ (١١) على قلب محمّد (١٢) " (١٣)، ومن قال: غدًا ينزل الغيث، ضُرِبَ وسُجِنَ واسْتُتِيْبَ من ذلك، على هذا نَصَّ (١٤) أهل العلم من أهل السُّنَّة والجماعة، والحمدُ لله ربِّ العالمين.


(١) الجن:١٦.
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات: ٣/ ١٥٦، وعبد الله بن أحمد في فضائل الصحابة (١٥٥٠)، والطبراني في الكبير (٩٧٣٥).
(٣) غ، جـ: "يصغر" والمثبت من الاستذكار.
(٤) في الاستذكار: "حكم".
(٥) النمل: ٦٥.
(٦) في كتاب التمهد: ٦٨ [ط. دار الفكر العربي]، ٥٨ [ط. مكارثي].
(٧) جـ: "الر سول".
(٨) النَّمل: ٦٥.
(٩) الأعراف: ١٨٨.
(١٠) غ: "فيما".
(١١) غ: "أنرل الله".
(١٢) - صلّى الله عليه وسلم -.
(١٣) أخرجه ابن الجعد في مسْنَده (١٩٤٥)، والبيهقي: ٥/ ١١٨ من حديث عبد الله بن مسعود.
(١٤) جـ: "مضى".

<<  <  ج: ص:  >  >>