للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كراهيته، والذي في "المُدوّنة" (١) عن ابن القاسم؛ أنّه سُئِلَ: أيُجَامع الرَّجُل مستقبلَ القِبْلَةِ؟ فقال: لا أحفظُ عن مالكٌ فيه شيئًا، وأرى أنّه لا بأس به؛ لأنّه لا يرى بِالْمَرَاحِيضِ بأسًا في المُدُنِ والقُرَى مستقبلَ القِبْلَةِ، وهذا يحتمل وجهين:

أحدهما: أنّ جوابه إنّما كان في البُنْيَان، وأمّا في الصّحارِي فلم يجب عنها. والثّاني: ما تأوَّله القاضي أبو محمّد (٢)؛ أنّ المنع إنّما كان لاستقبال القِبْلَةِ بالغَائِط والبَوْل في الصَّحارِي إكرامًا للقِبْلَةِ لعَدَمِ السُّتْرَةِ، فإذا ستر البُنْيان جازَ ذلك. وإذا كان الوطءُ (٣) لا يكون إلَّا تحت سترة، لم يكن فيه استقبال القِبْلَة (٤)، والأولُ أظهر عندي، والله أعلم.

تكملة الباب:

قال القاضي أبو الوليد الباجي (٥): "أدخلَ مالك هذا الحديث في باب الرُّخْصَة في استقبال القِبلَة لبَوْلٍ أو غائطٍ، وإنّما الحديث في (٦) استقبال بيت المَقْدِس دون مَكَّة (٧)، ويحتمل ذلك معنيين:

أحدهما: أنّ يريد أنّ الاستقبالَ والاستدبارَ في ذلك سواء.

والمعنى الثّاني: أنّ تكون القِبْلَة في التّرجمة بيت المَقدِس؛ لأنّها قد كانت قِبْلَة ثُمَّ نُسِخَت الصّلاة منه إلى مكة، والله أعلم".


(١) ١/ ٧ في استقبال القبلة للغائط والبَوْل.
(٢) في المعونة ة ١/ ٥٤، وانظر الاشراف: ١/ ١٣٧.
(٣) في المنتقى بزيادة: "المباح".
(٤) في المنتقى بزيادة:"بفَرْجٍ".
(٥) في المنتقى: ١/ ٣٣٧، وَقد اختصر المؤلِّف كلام الباجي.
(٦) "في" زيادة من المنتقى.
(٧) "دون مكّة" إضافة من ابن العربي على نصِّ الباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>