للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاته حتّى صلّى الصّبح في وقت الفجر، فالأفضل أنّ يصلِّيه ما بينه وبين صلاة الظُّهر؛ لأنّه أقرب وقت يمكنه فيه فعله والإتيان به، واللهُ أعلم.

الفائدة الثّانية:

فيه فضل صلاة اللّيل على صلاة النَّهار، وقيام اللّيل من أعمال البرِّ وقوافل الخير، وقد ألَّفَ النَّاسُ في أخبار المجتهدين في اللّيل كتبًا كثيرةً حِسَانًا.

قالت عائشة: قام رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بآيةٍ من القرآنِ لَيْلَةً (١)، قال التّرمذيّ (٢): "هو حديث غريب" وأبو المتوكِّل (٣) مخصوصٌ بأبي سعيد، وعائشة منه بعيد.

وقالت الصّوفيَّةُ: الليلُ أُنْسُ الأحباب، وميقاتُ مُنَاجَاتِ ربِّ الأرباب، وفي جَوْفِ اللَّيلِ المنازل والترقّي إلى أَشْرَفِ الطّاعات والفضائل، قال الله العظيم لنبيِّه الكريم: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} الآية (٤)، وقد تقدَّمَ الكلام عليها في "باب قيام اللّيل" في أوَّل الكتاب، فلتُنْظَر هنالك.

مالك (٥)، عن يحيى بن سعيد؟ أنّه قال: كنتُ أنا ومحمدُ بن يحيى بن حَبَّان جَالِسَينِ، فَدَعَا محمدٌ رَجُلًا، فقال: أَخْبِرْني بالّذي سَمِعتَ من أبيكَ. فقال الرَّجُلُ: أَخْبَرَنِي أبي أنَّه أَتَى زَيْدَ بن ثابتٍ، فقال له: كيفَ تَرَى في قِرَاءَةِ القُرآنِ في سَبْعٍ؟ فقال زيد: حَسَنٌ، ولأَنْ أقرأهُ في نصف شهر أو عَشْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ، وسَلْنِي لِمَ ذاك؟ قال: فإني أسأَلُكَ. قال زيد: لكي أتَدَبَّرهُ وأَقِفَ عليه.

الإسناد:

رُوِيَ في هذا الحديث: "أو عِشْرِينَ" لغيْر يحيى من رواة "الموطَّأ" (٦)، وروايةُ عُبَيد الله: "أو عَشْرٍ" وزاد ابن وضّاح: "وعشرين" وليس في الحديث أَثَرٌ صحيحٌ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - إلَّا ما قال لعبد الله بن عمر: "اقرأه في شهر" (٧) ثم انتهى تقسيم النّاس فيه


(١) أخرجه التّرمذيّ في الجامع الكبير (٤٤٨). ونذكر أنّ الفقرة السابقة مقتبسة من الاستذكار.
(٢) في المصدر السابق، وفيه: "هذا حديث حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه".
(٣) هو علي بن داود النّاجي، انظر الجرح والتعديل: ٦/ ١٨٤، وتهذيب الكمال (٤٠٦٦).
(٤) الإسراءِ: ٧٩.
(٥) في الموطّأ (٥٣٩) رواية يحيى.
(٦) كالقعنبي (١٢٧)، وسويد (١٥٦)، والزهري (٢٤١).
(٧) أخرجه ابن حبّان (٧٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>