للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث مالك (١)، عن نَافِع، عن ابنِ عمر، عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه قال: "إِنّما مَثلُ صاحِبِ القرآن كَمَثَلِ صاحبِ الإبِلِ المُعَقَّلَةِ، إنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وإنْ أطْلَقَهَا ذَهَبَت".

الإسناد:

قال الإمام: هذا حديثٌ صحيحٌ مُتَّفَقٌ عليه (٢)، وله نظائر كثيرة. وفيه فائدتان:

الفائدة الأولى:

فيه: الحضُّ على دَرْسِ القرآن وتَعَاهُدِهِ والمُوَاظَبَة عليه، والتّحذير من نسيانه بَعْدَ حِفْظِهِ، لما رُوِيَ في ذلك من الآثار الواردة عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - من حديثِ ابنِ مسعود وغيره؛ أنّه قال: "مَنْ تَعَلَّم القرآنَ ثمَّ نَسِيَهُ، لَقِيَ اللهَ تعالى يَوم القيامة أجذم" (٣) يعني مقطوع الحُجَّة.

ومن حديث أَنَس، قال: قال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجورُ أُمَّتِي حتّى القَذَاةُ (٤) يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ من المسجدِ، وعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي، فلم أرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ من سُورةٍ من القرآنِ أو آيةٍ من القرآن أُوتِيَها الرَّجُلُ ثُمَّ نَسِيها" (٥).

ومن حديث ابن مسعود أنّه كان يقول: تَعَاهَدُوا القُرآنَ فهو أشد تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجالِ مِنَ النَّعَمِ مِنْ عُقُلِهَا. قال: وقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: بئس ما لأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ، بل هو نُسِّيَ (٦).

وفي حديث ابن مسعود هذا كراهية قول الرَّجُل: نَسِيتُ، وإباحةُ قوله: أُنْسيتُ، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} الآية (٧).


(١) في الموطّأ (٥٤١) رواية يحيى.
(٢) أخرجه البخاريّ (٥٠٣١)، ومسلم (٧٨٩).
(٣) أخرجه أحمد: ٥/ ٣٢٣، وأبو داود (١٤٧٤).
(٤) غ، جـ: ٥ "القراءة" والمثبت من جامع التّرمذيّ.
(٥) أخرجه عبد الرزّاق (٥٩٧٧)، وأبو داود (٤١٦)، والترمذي (٢٩١٦)، وأبو يعلى (٤٢٦٥)، وابن خزيمة (١٢٩٧)، والطبراني في الأوسط (٦٤٨٩)، والبيهقي: ٢/ ٤٤٠.
(٦) أخرجه البخاريّ (٥٠٣٢)، ومسلم (٧٩٥) من حديث ابن مسعود، والقسم الأوّل من الحديث هو أقرب إلى ما رواه البخاريّ (٥٠٣٣)، ومسلم (٧٩١) من حديث أبي موسى.
(٧) الكهف: ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>