للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام: والعَجَبُ كلّ العَجَبِ من قومِ رؤوس العوامّ، نصبوا أنفسهم للعِلْمِ وقراءته، يقولون في ذلك: يُرْوَى بالباء والنون بمعنى (١) بزرت، وهو تصحيف من سخيفٍ لا يعقِل ولا يهتدي، والحمدُ لله.

خاتمة (٢):

قال الإمام: أدخل مالكٌ هذا الحديث في هذا الباب، في باب "ما جاءَ في القرآنِ" دليلًا على أنّه أراد التّعريف بأنّ القرآن كان ينزلُ على رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في الأسفار على قَدْرِ الحاجةِ.

أشار مالك بهذا الحديث وبالحديث الّذي قَبْلَهُ إلى تحصيل عِلْمٍ من علوم القرآن، وهو معرفة أسباب نزول الآيات والسُّوَر؛ فإنّ معرفةَ الأسباب مُعِينَةٌ على دَرْكِ التّأويل، وإليه أشار بحديث ابن أمِّ مَكتُومٍ في قوله: نَزلَت سورةُ {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (٣) في ابن أُمِّ مَكْتُوم؛ لأنّ في حديث ابن عمر أنّه نزلت عليه {إِنَّا فَتَحْنَا} (٤) في تلك السَّفْرَة، فقال بعضهم: حين انصرفَ من خَيْبَر. وقيل: الحُدَيْبِيّة على ما تقدَّمَ بيانُه، وأنّه أراد أنّ القرآنَ لم ينزل على رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - جُمْلَةً واحدةً.

حديث مالك (٥)، عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن إبراهيم، عن أبي سَلَمَة، عن أبى سعيد الخُدْرِيّ؛ قال: سمعتُ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - يقولُ: "يَخرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مع صَلاَتِهِمْ." الحديث.

الإسناد:

قال الإمام: هذا حديثٌ صحيحٌ متَّفَقٌ عليه (٦)، مُسْنَدٌ من طُرُقٍ كثيرةٍ صِحَاحٍ، خَرَّجه (٧) وغيرُه. وفيه ضروبٌ من العِلْمِ، أوَّلُ ذلك:


(١) غ، جـ: "معنى" ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) الفقرة الأولى من هذه الخاتمة مقتبسة من الاستذكار: ٨/ ٧٨، وانظر عارضة الاحوذي: ١٢/ ٢٣٢.
(٣) عبس: ١.
(٤) الفتح: ١.
(٥) في الموطّأ (٥٤٥) رواية يحيى.
(٦) أخرجه البخاريّ (٥٠٥٨)، ومسلم (١٠٦٤).
(٧) كذا، والظّاهر أنّها سقطت كلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>