للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُدْنَا إلى الفائدة الثّالثة (١):

قولُه - صلّى الله عليه وسلم - (٢): "يَقْرَأُونَ القُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ" معناه أنّهم لم ينتفعوا بقراءته إذ تأوّلوه (٣) على غير سبيل السُّنَّةِ المُبَيِّنَة، وإنّما حملهم على جَهْلِ السُّنَّة ومعاداتها تَكْفِيرُهُم (٤) للسَّلَفِ ومن سَلَك سَبِيلَهُم، فتأَوَّلوا القُرآنَ بآرائِهِمْ فَضَلُّوا وأَضَلُّوا (٥).

وإلى هذا أشار أبو بكر الصدّيق إذ قال: "لأنّ أَخِرَّ مِنَ السَّماءِ فتخطفني الطَّير أحبّ إليَّ أنّ أقولَ في كتابِ اللهِ بالرَّأيِ" (٦) أراد الرّأي الّذي لا تشهد له الأصول، ولهذا ضَلَّت المُبْتَدِعَة وأنكرت القياس بالرَّأْيِ، فأَبْطَلَت رُكْنًا من أركان الشّريعة.

الفائدة الرّابعة (٧):

قوله: "يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ" المروقُ الخروجُ من الشَّرْعِ كما يخرج (٨) السَّهْمُ من الرَّمِيَّةِ، والرَّمِيَّةُ الطّرِيدَة من الصَّيد المَرْمِيَّة، والمرمية مثل المقتولة والقَتِيلَة.

قال أبو عُبَيد (٩): كما يخرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّميَّة يقول: يخرجُ (*) السَّهْمِ، ولم يمتسّك بشيءٍ، كما خرج هؤلاء من الإسلام ولم يتمَسَّكُوا بشيءٍ منه (١٠).

الفائدة الخامسة (١١):

قوله: "وَتَتَمَارَى في الفُوقِ" هذا دليلٌ على الشَّكِّ في خروجهم جُمْلَةً عن


(١) الفقرة الأولى في الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٨/ ٨٧.
(٢) في حديث الموطّأ (٥٤٥) رواية يحيى.
(٣) غ، جـ: "أنهم يتبون قراءته إذا قرؤوه" والمثبت من الاستذكار.
(٤) في الاستذكار: "وتكفريهم".
(٥) يقول القنازعي في تفسير الموطّأ: الورقة ٥٢ "يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يعني أنهم لا يؤجرون عليه، ولا تكتبه لهم الملائكة".
(٦) أخرجه الطيالسي (١٦٨)، والبخاري (٣٦١١)، ومسلم (١٠٦٦) من حديث سُوَيْد بن غَفْلَة، وليست فيه: "أقول في كتاب الله" وإنّما فيه: "أحبّ إليَّ من أكذب عليه" ونحو هذه العبارة.
(٧) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٨/ ٨٧.
(٨) غ، جـ: "يفرق" والمثبت من الاستذكار.
(٩) في غريب الحديث: ١/ ٢٦٦ - ٢٦٧ بنحوه. (*) غ. ج: "خروج" والمثبت من الاستذكار.
(١٠) عبارة أبي عبيد: "فتأويل الحديث المرفوع، أنّ الخوارج يمرُقُون من الدِّين مروق ذلك السّهم من الرَّميَّة -يعني إذا دخل فيها ثم خرج منها لم يعلق به منها شيء، فكذلك دخول هؤلاء في الإسلام ثم خروجهم منه لم يتمسّكوا منه شيءٍ".
(١١) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٨/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>