للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيدِ الخُدْريِّ أنّه سَمعَ رَجُلًا يقولُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (١) يُرَدِّدُها، فلمّا أصبحَ غَدَا إلى رسولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - فذَكَرَ له ذَلِكَ (٢)، وكان الرَّجُلُ يتَقَالُّهَا. فقال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ".

الإسناد:

قال الشّيخ أبو عمر (٣): "لم يتجاوز مالك بإسناده هذا الحديث أبا سعيدٍ، وقد رواهُ قومٌ من الثِّقاتِ عن أبي سعيدٍ عن أخيه لأُمِّهِ قَتَادَة بن النُّعْمَان، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - (٤). وقد رواه (٥) مالكٌ أيضًا كذلك، ورُوِيَ أنّ الرَّجُلَ القَارِىءَ لها الّذي كان يَتَقَالُّها -يعني الّذي يراها قليلًا- هو قَتَادَة بن النُّعمان" (٦).

الأصول:

اختلفَ (٧) العلماءُ في معناهُ، فقال قوم: يقال إنّه لَمّا سَمِعَه رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - يُرَدِّدُها، قال له ذلك؛ لأنّه (٨) لم يحفظ غيرها، ولِمَا رَجَاهُ من فضلها (٩)، وأنّه لم يملّ ترديدها (١٠) حتّى بلغ داره، وبلغ بترداده لها (١١) بالكلمات والحروف والآيات ثُلُثَ القرآن. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنّها لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القرآنِ" على هذا الوجه، لما كان من تَكْرَارِهِ لها، وهذا تأويلٌ فيه بُعْدٌ عن ظاهر الحديث.

وقال علماؤنا: قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن" هذا على طريق المعنى لا من طريق اللّفظ والتِّلاوة؛ لأنّه مَنْ قرأها فكأنّه قد قرأ كلَّ توحيدٍ في القرآن، فجعل له أجر التّوحيد؛ لأنّ معناه واحدٌ وصفة (١٢) لواحدٍ سبحانه وتعالى، وإن كان الّذي تكرَّرَ


(١) الإخلاص: ١.
(٢) في الموطّأ: "فذكر ذلك له".
(٣) في الاستذكار: ٨/ ١١٤.
(٤) رواه من هذا الطريق النسائي في الكبرى (١٠٥٣٦) وابن عبد البرّ في التمهيد: ١٩/ ٢٢٩.
(٥) في الاستذكار: "روي".
(٦) انظر غوامض الأسماء المبهمة: ١/ ٨٤.
(٧) هذه الفقرة مقتبسة من الاستذكار: ٨/ ١١٥.
(٨) في الاستذكار: "إمّا لأنّه".
(٩) في الاستذكار: "وإمّا لما جاءه من فضلها".
(١٠) في الاستذكار: "يزل يرددها".
(١١) غ، جـ: "بتردده لها" وفي الاستذكار: "تردادها" ولعل الصواب ما أثبتناه.
(١٢) غ: "ولصفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>