للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثلُه قوله تعالى: {مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} (١) قال المتكلِّمون: إنّ "باطلًا" منصوبٌ على نَعْتٍ لمصدرٍ محذوفٍ، وهذا أحسن في المعنى المقصود؛ لأنّه لو كان حالًا -كما قال النّحويون- لجاز من هذا أنّ يكون معناه؟ ما خلقت هذا؛ لأنّ الحال لا يأتي إلَّا بعد تمام الكلام، فدلّ أنّ "باطلًا" لم ياتِ بعد تمام الكلام، إذْ لا يصحّ (٢) الكلام من قوله (٣): {مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} ولا يتمّ، ولَوْ وقف أَحدٌ على قولِه: {بَاطِلًا} لكان كُفرًا.

وقال النّحويون: الحالُ تقعُ ملازِمة للكلام.

قلنا: هذه دَعْوَى،* لأنّا قد وجدنا حالًا بمعنى (٤) ملازمة وغير ملازمة* (٥)، فنحن بالخِيَارِ في هذا الموضع أَنْ نجعلها نَعْتًا لمَصْدَرٍ محذوفٍ

مزيد إيضاح (٦):

قوله: "تَعْدِلُ ثُلُثَ" (٧) قال بعض الأشياخ (٨): هذا يدلُّ على أنّ البارئ تعالى يضعُ الفَضْلَ لأَوْليائه حيث شاءَ، ويخصِّص لهم من القرآن ما شاءَ اللهُ بما شاءَ. والقرآنُ كلُّه صفةٌ واحدةٌ من صفاتِ ذاتِهِ، وصفاتُ اللهِ تعالى لا يجوزُ أنّ يكون بعضُها في ذاتها أفضلُ من بعضٍ؛ لأنّ الفاضلَ إذا كان أكمل، كان المفضولُ أنقص، ولا يجوز هذا في صفات اللهِ عزّ وجل.

نكتةٌ لغوية:

يقال: فَضَلَ بالفتح يفضُل بالضم وبالكسر، وقد جاء شاذًّا بالكَسْر وبالفتح في الماضي والضَّمِّ في المستقبل.


(١) آل عمران:١٩١.
(٢) جـ: "لا يصلح".
(٣) جـ: "قولك".
(٤) هذا ما بمكن قراءته في الأصل.
(٥) ما بين النجمتين ساقط من: غ.
(٦) هذا المزيد مقتبس من تفسير الموطّأ للبوني: ٣٩/ ب.
(٧) غ: "تعدل ثلث القرآن وتفضل ثلث القرآن".
(٨) المراد هو الإمام البوني.

<<  <  ج: ص:  >  >>