للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه ذلك: أنّ هذه اللّفظة إذا أُطلِقَت فإن عُرْفَها الجهاد والغَزو، وإن جازَ أنّ تطلَق على سائر الأعمال بقَرِينَةٍ.

الحديث الثّالث: مالك (١)، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأعْرَجِ، عن أبي هريرة؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ إِذَا دَعَا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنّ شِئتَ، لِيَعْزِم المَسْأَلَةَ، فإنّه لا مُكْرهَ لَهم".

قال علماؤنا (٢): أراد بهذا القول أهل الاستغناء، والعبادُ أَجْمَعُونَ مُفْتَقِرُونَ إلى الله تعالى بالالحاح، فإنّه أقرب إلى الإجابة (٣). وكذلك قوله (٤): "يُستَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَالَمْ يَعْجَلْ، فيقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُستَجَبْ لِي" لأنّه إذا عَجِلَ خُشِيَ عليه أنّ يكون كالذَّامِّ أو القَانِطِ من الإجابة، وإنّما يجب عليه الانقطاعُ والافتقارُ إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- ولا يقنط من الإجابة (٥)؛ لأنّه بين ثلاث (٦): إمّا أنّ يعجّلَ له، وإمّا أنّ يكفِّر عنه (٧)، وإمّا أنّ يدَّخر له.

الحديث الرّابع: حديث النزول

مالك (٨)، عن ابن شِهَابٍ، عن أبي عبد الله الأغَرِّ، عن أبي سَلَمَةَ، عن أبي هريرةَ؛ أنَّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلى سَمَاءٍ (٩) الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فيقول: مَنْ يَدْعُوني فَأسْتَجيبَ لَه؟ مَنْ يَسْألنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِرَ لَهُ".

الإسناد:

قال الإمام (١٠): حديثُ النُّزُولِ حديثٌ صحيحٌ متَّفَقٌ على صحَّته


(١) في الموطّأ (٥٦٨) رواية يحيى.
(٢) المراد هو الإمام البوني في تفسير الموطّأ: ٤٠/ أوالكلام التالي مقتبس منه.
(٣) الّذي في تفسير البوني: "مفتقرون إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، فليفتقر كلّ من دعا إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وليلحّ في الدُّعاء، فإنّه أقرب له عند الله تعالى وأرجأ للإجابة".
(٤) في حديث الموطّأ (٥٦٩) رواية يحيى. من حديث أبي هريرة.
(٥) هنا ينتهي النقل البوني.
(٦) انظرها في المنتقى: ١/ ٣٥٧.
(٧) "وإمّا أ، يكفّر عنه" ساقطة من النّسختين، واستدركناها من المنتقى.
(٨) في الموطّأ (٥٧٠) رواية يحيى.
(٩) في الموطّأ: "السَّماء".
(١٠) جـ: "القاضي".

<<  <  ج: ص:  >  >>