للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في فَقْرِه، وهذا هو الفقير الّذي يدخلُ الجنَّةَ قبل الأغنياء بخمس مئة عام (١)، وسيأتي الكلام عليه في "كتاب الجامع" (٢) إنّ شاء الله تعالى.

الفائدة السّادسة (٣):

قوله: "وَأَمْتِعْنِي (٤) بسَمعِي وَبَصَرِي" وقد رُوِيَ في حديث: "وَاجْعَلْهُمَا الوَارِثَ منِّي" (٥).

فإن قيل: كيف يكون السَّمْعُ والبصرُ وارِثَيْنِ للبَدَنِ وهما يفنيانِ معه؟

الجواب - قال الأستاذ أبو المظفَّر: هو مجازٌ على أحد مَعنيي الوارث، وذلك أنّ الوارثَ هو الّذي لا يموتُ قَبْلَ المَوْرُوثِ، وهو الّذى يَبْقَى بعدَهُ، فيكون معنى قول النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: اللهمّ لا تعدمهما قبلِي.

وقال بعضُ النّاس: المعنى فيه: ومَتِّعْنِي بأبي بكرٍ وعمرَ، لقول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في أبي بكر وعمر: "هما السَّمْعُ والبَصَرُ" (٦) وهذا تأويلٌ بعيدٌ، إنّما المراد بهما الجَارِحَتَانِ.

الفائدة السابعَة (٧):

قوله: "وَقُوَّتِي في سَبِيلِكَ" قال علماؤنا (٨): يريد به جهاد العدوّ. ويحتملُ أنّ يريد به تبليغ الرِّسالة.

وقيل: يريد به التّقوية في سائر أعمال البِرِّ، فإن ذلك من سبيل الله كلِّه (٩)، وقد قال مالك (١٠) فيمن قال: مالي (١١) هذا في سبيلِ الله-: سُبُلُ اللهِ كثيرةٌ، يُوضَعُ في بابِ الغَزْوِ.


(١) أورده الطوسي في اللُّمَع: ٢٩٢، وعنه سعاد الحكيم في تاج العارفين الجنيد البغدادي: ١٨٥ - ١٨٦.
(٢) جـ: "باب".
(٣) انظرها في القبس: ٢/ ٤١٣.
(٤) جـ: "متعني".
(٥) أخرجه البخاريّ في الأدب المفرد (٦٥٠) الحاكم في مستدركه: ١/ ٥٢٣ من حديث أبي هريرة، وقال: الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(٦) أخرجه التّرمذيّ (٣٦٧١)، والحاكم: ٣/ ٦٩ من حديث عبد الله بن حَنْطَب.
(٧) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣٥٦.
(٨) المراد هو الإمام الباجي.
(٩) في المنتقي: "فإنّ ذلك كلّه في سبيل الله".
(١٠) في المدونة: ٣/ ٩٧ (تصوير صارد) في الرّجل يحلف بصدقة ماله.
(١١) "فيمن قال: مالي" زيادة من المنتقى يلتم بها الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>