للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"واعلم أنّه لا فرقَ بين الإتيانِ والمجيءِ والنُّزُولِ إذا أُضيفَ جميع ذلك إلى الأجسام الّتي تتحرَّك وتنتقل، أو تحاذي مكانَها أو مكانًا بعد مكان (١)، إنَّ جميعَ ذلك يُعْقَلُ من طريق (٢) المعنى الّذي هو الحَرَكَة والنّقلة الّتي هي تفريغ (٣) مكان شغل مكان، فهذا أُضِيفَ إلى ما لا يليق به الانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ؛ لاستحالته (٤) بأنّه جوهرٌ، أو جِسْمٌ، أو مَحْدُودٌ، أو مُتَمَكِّنٌ، أو مُمَاسٌّ".

تحقيق وتبيين (٥):

اعلم أنّ معنى النُّزول في اللُّغة والقُرآن والسُّنَّة ينطلقُ على تِسْعَة معانٍ، منها معاني مختلفة، ولم يكن هذا اللّفظ ممّا يخصُّ (٦) أمرًا واحدً حتّى لا يمكن العدول عنه إلى غيره، بل وَجَدْنَاهُ مشترك المعنى، فاحتملَ التّأويل والتّخريج والتّرتيب في ذلك.

الأوّل - فمن ذلك: النُّزولُ بمعنى الانْتِقَال، والبارىء تعالى يتنزَّهُ عنه، وإنّما ذلك في (٧) كون المخلوقات، مثل قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (٨)، هذا على معنى النّقلة والتّحويل.

المعنى الثّاني: النزول بمعنى الإعلام، كقوله عَزَّ وَجَلَّ: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (٩) أي أَعْلَمَ به الأمينُ محمّدًا - صلّى الله عليه وسلم -.

المعنى الثّالث: النُّزُولُ بمعنى القول والعبارة، وذلك في قوله تعالى حاكيًا عن مُسَيْلِمَة في قوله: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (١٠) فيما أخبر به عن المشركين الّذين يقولون ويعارضون القرآن {سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (١١).


(١) في المشكل: "وتحاذي مكانًا".
(٢) في المشكل: "من ظاهرها".
(٣) غ، جـ: "الّتي متى تفرغ" والمثبت من المشكل.
(٤) في المشكل: "لاستحالة وصفه".
(٥) إلى آخر المعنى الثّامن من هذا التحقيق مقتبس من مشكل الحديث لابن فورك: ٧٧ - ٧٩ بتصرّف وبعض الزيادات.
(٦) جـ: "يختصّ به" غ: "يختصّ" والمثبت من من المشكل.
(٧) "في" ساقطة من: غ. كما أنّ عبارة: "والباري ... الخ" لم ينقلها المؤلِّف من مشكل الحديث.
(٨) الفرقان: ٤٨.
(٩) الشعراء: ١٩٣.
(١٠) الأنعام: ٩٣.
(١١) الأنعام: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>