للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول (١):

اختلفَ النَّاس في هذا الحديث وأمثاله من الأحاديث المشكلات والآيات المتشابهات:

فمنهم من ردَّ هذا الخبر؛ لأنّه خبر آحاد، وردَّ بما لا يجوز ظاهرُه على الله تعالى، وهم المُبْتَدِعَة.

ومنهم مَنْ قَبِلَهُ وأَمَرَّهُ كما جاء ولم يتأَوَّله ولا تكلَّم فيه، مع اعتقاده أنّ الله ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.

ومنهم من تأوَّلَهُ وفَسَّرَهُ -وبه أقول- لأنّه معنى قريب عربيٌ فصيح (٢). أمّا إنّه قد تَعَدَّى إليه قومٌ ليسوا من أَهْلِ العِلْم بالتَّفسيرِ، فَتَعدّوا عليه بالقول النَّكِير (٣).

وأمّا المبتدعة، قالوا: هذا الحديث مُحَالٌ؛ لأنّه إذا نزلَ من يَخْلفُه؟ وهذا جهلٌ عظيمٌ؛ لأنّه يقال لهم: من يَخلفُه في الأرض حين (٤) يصعَدُ علمه بما في الأرض، كما يصعد علمه بما في السّماء، وعِلْمُه بما في الأرض سواءٌ لا يَخْتَلِف.

إيضاحُ مُشكِلٍ:

قال الإمام أبو بكر بن فُورَك (٥) في هذا الحديث والنزول والمجيء: "اعْلَمْ أنَّه أوّل ما يجبُ أنّ تعلمَ في ذلك قَبْلَ شُرُوعِنَا في تأويله، هو أنّ تعلمَ أوَّلًا أنَّ جميعَ أوصافه تعالى تتعلق (٦) بما (٧) لا يخرج عن وجهين: إمّا أنّ يكون اسْتَحَقَّه لنفسه، أو لِصِفَةٍ قامت به، أو لِفِعْلٍ يفعله. وأنّه لا يُطْلَقُ شيءٌ من الألفاظِ في أوصافه وأسمائه المُتفَرِّعَة من هذين (٨) الأصلّين إلَّا بعد ورود التَّوقِيفِ في (٩) الكتاب والسُّنَّة، وعن اتِّفاقٍ من الأُمَّةِ، ولا مجالَ للقياسِ في ذلك بِوَجْهٍ من الوجوهِ".


(١) انظر كلامه في الأصول في عارضة الأحوذي: ٢/ ٢٣٤.
(٢) غ، جـ: "فصيح غريب" والمثبت من العارضة.
(٣) جـ: "النظري" العارضة: "بالتكثير".
(٤) جـ: "حتّى".
(٥) في كتاب مشكل الحديث وبيانه: ٧٦، ٧٧.
(٦) "تعلّق" ساقطة من: غ، ومشكل الحديث.
(٧) في مشكل الحديث: "ممّا".
(٨) غ، جـ: "هاتين" والمثبت من مشكل الحديث.
(٩) في مشكل الحديث: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>