للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الأوزاعي (١) -وهو إمامٌ عظيمٌ- فقد نزع بالتَّأويلِ، قال: سئِل عن قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "يَنْزِلُ رَبُّنَا"؟ فقالَ: يفعلُ اللهُ ما يشاء. ففتحَ بابًا من المعرفةِ عظيمًا، ونهجَ إلى التّأويل طريقًا مستقيمًا.

تشريفٌ:

إنّ اللهَ سبحانه مُنَزَّةٌ عن الحركة والانتقال؛ لأنّه لا يَحْوِيهِ مكانٌ، كما لا يشتمل عليه زمانٌ، ولا يَشغَلُ جُزءًا، ولا يَدْنُو إلى مسافة بشيءٍ، ولا يغيبُ عن عِلْمِهِ شيءٌ. مُتَقَدِّس الذَّاتِ عن الآفاتِ، منزَّه عن التَّغير والاسْتِحَالاَتِ، إلهٌ في (٢) الأرض إِلهٌ في السَّموات. وهذه (٣) عقيدةٌ مستقرَّةٌ في القلوبِ، ثابتةٌ بواضِحِ الدَّليلِ في المعقولِ.

إشكال ثانٍ:

قال الإمامُ (٤): وقد وردَ وراءَ هذا الحديث أحاديث وآيات مشكلات (٥)، وإن قد خُضْنَا معهم في البَيَانِ، رأينا أنّ نعطفَ عليها العَنَانَ، بالإشارَةِ إلى التّحقيق والتِّبيان، حتّى لا يمرَّ القلبُ بها عليلًا، أو يكونَ ما يراه منها عنده مبهمًا مجهولًا، مثل قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (٦) الآية وقوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} الآية (٧)، وقوله: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} الآية (٨)، ومثل قوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} (٩) وقوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} الآية (١٠)، وقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} الآية (١١)، وقوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (١٢).


= فقال: آمن به ولا تحدّ فيه حدًّا.
(١) علَّقَ بعضهم في هامش: جـ بقوله:"قف على قوله" وأمّا الأوزاعي -وهو إمام عظيم- فقد نزع بالتأويل ... إلخ".
(٢) غ: "إله من في".
(٣) غ: "وهي".
(٤) جـ: "القاضي".
(٥) غ: "مشكلة".
(٦) الفجر: ٢٢.
(٧) الزخرف: ٨٤.
(٨) النحل: ٢٦.
(٩) الزخرف: ٨٤.
(١٠) الملك: ١٦.
(١١) العنكبوت: ٦٩.
(١٢) هود: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>