للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: هذا كلامٌ صحيح، وهذان الوجهان صحيحان، فالأوَّلُ حقيقة أنّ الله هو الرّافع الحافظُ، والثّاني مجازٌ، ولكنه جائزٌ سائغٌ لُغَةً وشَرْعًا.

الآية العاشرة:

قوله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١) الكلامُ (٢) في هذه الآية كالكلام فيما تقدَّم في قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} الآية (٣)، وإنّما المرادُ به: إلى طاعة الله ورسوله، وإليه الإشارة بقَوْل إبراهيم الخليل في قوله: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} (٤) ومعلومٌ أنّ الله سبحانه لم يكن حَالًّا في مدائن لُوط بالشّام، وإنّما أراد حيثُ أَمَرنِي رَبِّي، وحيث يُطَاعُ رَبِّي ويُعْبَد.

الآية الحادية عشر:

قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (٥) أي بقُدْرَتِي، وكذلك قولُه: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} الآية (٦)، أي: بقوة، وهي تشريفٌ لآدَمَ. كذلك قوله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} (٧) أضافَهُ إلى نفسه إضافةَ تشريفٍ وتخصيصٍ؛ لأنّ البارئ تعالى إذا أرادَ أنّ يشرِّفَ من مخلوقاته من (٨) شاءَ، أضافَه إلى نفسه إضافة التّخصيص.

الآية الثّانية عشر:

قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (٩) قلنا: هذه الآية (١٠) نزلت على سَبَبِ آيةٍ أُخْرَى، وذلك أنّ البارئ تعالى لمّا أنزل هذه الآية {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (١١) قالت الملائكةُ: هلك أهل الأرض، وطمعتِ الملائكةُ في الخُلُودِ والبَقَاءِ وأنّهم لا يموتون،


(١) النِّساء: ١٠٠.
(٢) جـ: "قيل له الكلام".
(٣) فاطر:١٠.
(٤) العنكبوت: ٢٦.
(٥) سورة ص: ٧٥.
(٦) الذاريات: ٤٧.
(٧) الحجّ: ٢٦.
(٨) جـ: "ما".
(٩) القصص: ٨٨.
(١٠) جـ: "آية".
(١١) الرّحمن: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>