للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنزلَ اللهُ هذه الآية: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (١) فأخبر الله تعالى في هذه الآية أنَّ الملائكةَ من أهل السموات والأرض، وأنّهم يموتون، وأزال هذه الصِّفة من الملائكة والآدَميِّين؛ لأنّ من صِفَاتِهِ البقاء، فلا بقاءَ لأحدٍ من المخلوقين، وأمّا الجنّة فلا تبيد، وعرش ربِّنا لا يبيد؛ لأنّ العرشَ سقف الجنَّة (٢).

الآية الثّالثة عشر:

قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} الآية (٣)، وقد بيَّنَّا أنّ القُرْبَ من البارئ على الوجه الّذي تَقَدَّمَ. والوريدُ عِرْقٌ خَالَطَ القلبَ، والبارىء تعالى أقرب إلى قلب المؤمنِ من ذلك العِرْق، ومصداقُه قولُه: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} الآية (٤)، وقال: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (٥) اللّطيف عِلْمُهُ الخبيرُ بالسِّرِّ.

الآية الرّابعة عشر:

قولى: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} (٦) قلنا: لفظُ "أتى" ههنا إنّما هو فعل الله فعلًا في بُنْيَانِهِم سمَّاهُ إتْيَانًا، هذا معنى قوله: "أتى" معناه: هَدَّهُ اللهُ من قَوَاعِدِه.

الآية الخامسة عشر:

قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} الآية (٧) قالت المبتدعة: هذا يقتضي المقابلة، ولو كان قريبًا لكان يُرَى بعضه أو كلّه، وكان في جهةٍ محاذية (٨) مخصوصة.

قال الإمام: وحُجَّتُهُم في ذلك باطلةٌ (٩)، وهو أنّ يقال لهم: إنّ المرئيَّ إنّما يكون مرئيًا بوجودِهِ ووجودِ رُؤْيَتِهِ.

فإن قالوا: ما الفائدة في رؤيته مع وجوده ووجود العطاء والرِّضَا؟


(١) القصص: ٨٨، وقد أورد أحمد بن حنبل سبب النزول هذا في الرَّدِّ على الزنادقة والجهمية: ٤٢.
(٢) انظر مثل هذه العبارة في المصدر السابق.
(٣) سورة ق: ١٦.
(٤) الملك:١٣.
(٥) الملك:١٤.
(٦) النحل: ٢٦.
(٧) القيامة: ٢٢ - ٢٣.
(٨) غ: "منحازة".
(٩) غ: "باطلٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>