للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "أَفْضَلُ الدُّعاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وأَفْضَلُ مَا قُلْتُهُ أنَا والنَّبِيُّون مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه".

الإسناد:

قال: روايةُ يحيى: "كُريز" بضمِّ الكاف، ولابن وَضَّاح بفتحها.

وهذا حديثٌ تتعلَّقُ به علومٌ كثيرةٌ، وهي أنّ يقالَ: إنّ أفضلَ الأقوالِ: لا إله إلّا اللهُ. وإنْ كان النّاس قد اختلفوا في هذه المسألة، أَيّها أفضل، لا إله إلّا الله، أو الحمدُ لله ربِّ العالمين؟ وفيه مآخذ وطرق كثيرة:

المأخذ الأوّل- نقول (١): إنّ قولَ لا إله إلّا اللهُ أفضلُ من قول الحمدُ للهِ، عند التَّفْصيل وعلى الجُمْلَةِ.

وأمّا على الجملة، فإنّ قولَ "لا إله إلا الله" إخبارٌ عن البارئ بصفاته العُلَى وأسمائه الحُسْنَى وأَفْعَالِه وأحكامه وتدبيره وتقديره. وقول "الحمدُ للهِ" إخبارٌ عن اسم من أسماء اللهِ عند فِعلٍ من أفعاله، فصارت لا إله إلَّا اللهُ أفضل وأشرف مذكور وأعمر مقصود.

وأمّا عند التّفصيلِ، فقول "لا إله إلا اللهُ" عند النَّظَرِ إلى المُنْعِمِ أفضل من "الحمد لله" عند النَّظَرِ إلى النِّعْمَةِ، فقول "الحمدُ للهِ" أفضل.

وشرحُ هذه النّجوى وبيان قصّة هذه الفَتْوَى، يكون بِبَسْطٍ يتبيَّن فيه القِسْط (٢)، ولكِنا نُؤْثِر الإيجازَ لسرعة المجتاز، فنقول: من فهم المطالب للطّالب في أوّل ما افتتح به المسائل معرفة السّائل، فإنّها باب العِلْمِ الأكبر، فليس كلَّ من أجابَ يحسن السُّؤال، فإنّ قولَ القائلِ: كذا أفضل من كذا، لا يستحقّ عليه جوابًا في أكثر الأحوال مَهْمَا ذَكَرَهُ بهذا الإرسال، حتّى يفصِّل قولَه ويُحَصِّل محلَّه، وذلك كلّه يستدعي تقديم (٣) قواعد موثقة بمعاقد، وتأسيس أصول مضبوطة بعقول (٤)، حتّى ينفتحَ (٥) المنهج الأبلج ويتّضح المَقْصِد الأسدّ. والّذي نراهُ أبلغ في البيان، سرد إرسالٍ من


(١) جـ: "فنقول".
(٢) غ: "بببن فيه المقسط".
(٣) غ: "تقويم".
(٤) غ: "يقفون".
(٥) جـ: "ينهج".

<<  <  ج: ص:  >  >>