للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِقْدُ الثّاني: القولُ في كَثْرةِ الثَّوابِ

وله خمس طرق:

الطريق الأوّل: أنّ فائدةَ "لا إله إلَّا اللهُ" تجديدُ الإيمانِ وَانْشِرَاحُهُ بالمعرفة. وفائدةَ "الحمدُ لله" استدامةُ النِّعَمِ، وشَتَّانَ بينَهُما.

الطريقُ الثّاني: أنّ قولَ القائل: "الحمد لله" حَسَنَةٌ تُكْتَبُ في جُمْلَةِ الحَسَنَاتِ، وتضاعَفُ بتضعيفها، وتُقَابَل بالسَّيِّئَاتِ، وتُوضَع بالمَوَازِينِ. كما رُوِيَ أنّ الحمدَ لله تَمْلأُ، المَوَازِينَ، وقول "لا إله إلا الله" يراد بها حسنة ولا تقابل سَيِّئَة ولا تُوضَع في ميزانٍ.

والدَّليلُ عليه: ما رُوِيَ عنِ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ نُوحًا قال لابنه: إِنِّي مُوصِيكَ بوَصِيَّةٍ: أُوصِيكَ باثْنتَيْنِ، وأَنْهَاكَ عن اثْنتَيْن، أمّا الاثنتان اللّتان أُوصِيكَ بهما فيستبشر (١) اللهُ بهِمَا وصالح خَلْقه، وهما يكثران الوُلُوج على الله، أُوصِيكَ بلا إله إلّا الله، فإنّ السّماوات والأرض لو كانتا حَلقة قصمتهما، ولو كَانَتَا في كَفَّةٍ وزنتهما. وأُوصيك بسُبْحَانَ الله وبِحَمْدِهِ، فإنّها صلاة الخَلْقِ وبِهَا يُرْزَقُونَ {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه} الآية (٢). وأمّا الاثنتان اللّتان أَنْهَاكَ عنهُمَا، فَيَحْتَجِبُ اللهُ منهُمَا وصَالِحَ خَلْقِهِ: الشِّرْكُ والكِبْرُ (٣).

ويدلُّ على هذا أيضًا - أنّ "لا إله إلَّا اللهُ" أفضلُ -: قول موسى صلّى الله عليه: "كلُّ عِبَادِكَ يقولُ هذا، قال: قُلْ لا إله إلَّا اللهُ، ولا إله إلّا أنتَ، فلو أنّ السّموات السّبع وعامرهنّ والأَرْضِين السّبع في كَفَّةٍ ولا إله إلَّا اللهُ في كفَّةٍ، مالت بهنَّ لا إله إلَّا اللهُ" (٤).

الطريق الثّالث: إنّ من لم يقل: "لا إله إلَّا اللهُ" في (٥) عمره فليس من الله في شيءٍ. ومن لم يقل: "الحمد لله" فلا حَرَجَ عليه، فلا معنى للتَّطْوِيلِ، والمسألةُ مُعَضِلَةٌ، وأكثر العلماء على أنّ "لا إله إلَّا الله" أفضل، لقوله - صلّى الله عليه وسلم - الله عليه: "أفضلُ


(١) جـ: "فاستبشر".
(٢) الإسراءِ: ٤٤.
(٣) أخرجه النّسائي في الكبرى (١٠٦٦٨) عن صالح بن سعيد، رفعه إلى سليمان بن يسار، إلى رجل من الأنصار؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال ... الحديث.
(٤) أخرجه النسائي في الكبرى (١٠٦٠٧)، وابن حبّان (٦٢١٨)، والحاكم: ١/ ٧١٠ (ط. عطا)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٦/ ٥٣.
(٥) ج، غ: "من" ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>