للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُعْجَمة إلّا من أَدْركَتْه عجمة الضّلالة.

وبناء "م س ح" في كلام العرب على ثمانية معانٍ، يشتركُ فيها مسيحُ الهُدَى ومسيحُ الضَّلالَةِ في معانٍ، وينفردُ مسيحُ الهُدَى عن مسيحِ الضَّلالة بمعنى (١)، وينفردُ ايضًا مسيح الضَّلالةِ عن مسيح الهُدَى في ذلك بمعانٍ. فممّا ينفردُ به عيسى بن مريم أنّه كان يمسحُ على ذي العاهة فيبرأ، فعيل بمعنى فاعل. وأمّا ما انفود به مسيح الضَّلالة، فإنّه كان ممسوح إحدى العَيْنَيْنِ، فعيلٌ بمعنى مَفْعُول. وأمّا ما يشتركان فيه، فالدَّجَّالُ يَمْسَحُ الأرْضَ مِحْنَة، والمسيحُ بن مريم يَمْسَحُها مِنْحَةً.

الفائدة الثّالثة (٢):

قوله: "وَمِن فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ" أمّا المَحْيَا، فالمرادُ به ما يُفْتَنُ به المرءُ في الدُّنيا من الشَّهَوَاتِ. وأمّا فتنة الممات، ففتنةُ المُحْتَضَر عند هُبُوب الرِّياح (٣)، ونزغَات الوساوس (٤)، واجتهاد الشيطان في أنّ يقطعَ به في ذلك المقام عن قول "لا إله إلَّا الله"، وعند الموت عند إقبال المَلَكِ بالهول، إذ يقول له: مَنْ ربُّكَ إلى آخر الحديث (٥).

الحديث الثّامن: مالكٌ (٦)، عن أبي الزُّبَيْر المَكِّيِّ، عن طَاوسٍ اليَمَانِيِّ، عن عبد الله بن عبّاس؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الصّلاة من جَوْفِ اللَّيلِ يقولُ: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّماوَاتِ والأرضِ، ولَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قيّام (٧) السَّماوَاتِ والأرْضِ، وَلَكَ الحمدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّماوَاتِ والأرَضِ ... " الحديث إلى آخره.

الإسناد:

قال الإمام: هذا حديثٌ صحيحٌ خَرَّجَهُ الأَيِمَّةُ: مسلم (٨) والبخاري (٩)، أمّا مسلم فذَكَرَ سبعة أنوار.


(١) "بمعنى" زيادة من القبس: ٢/ ١٩ [ط. الأزهري].
(٢) انظرها في القبس: ٢/ ٤١٧.
(٣) أي رياح الشكوك، كما في القبس.
(٤) غ: "الوسواس".
(٥) أخرجه البخاريّ (٤٦٩٩)، ومسلم (٢٨٧١) من حديث البراء بن عازب.
(٦) في الموطّأ (٥٧٤) رواية يحيى.
(٧) غ: "قيوم".
(٨) في صحيحه (٧٦٩).
(٩) في صحيحه (١١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>