للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلُهُ إلَّا مِن ثَلاثٍ" (١) فذكر أَوّلًا: "ولدًا صالحًا يَدْعُو لَهُ".

وَرَوَى حمّاد بن سَلَمَة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إنّ اللهَ ليرفعُ العبد الدَّرَجَة، فيقولُ: يا رَبّ، أنَّى لي هذه الدَّرَجَة؟ فَيَقُولُ: بِاستِغفَارِ ابْنِكَ لَكَ" (٢) حسنٌ صحيحٌ متَفَّقٌ عليه.

وأمّا رفع الأيدي، فقد تقدَّمَ الكلام عليها.

الحديث الثّالث:

مالك (٣)، عن هشام بن عُرْوَة؛ أنّه قال: إنمّا أُنْزِلَتْ هذه الآيةُ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} الآية (٤)، في الدُّعاء (٥). قال (٦) مالك (٧): أحسنُ ما سمعتُ في ذلك؛ أنّه عَنَى به أَلَّا يجهرَ بصلاتِهِ في القراءةِ في صلاة النَّهارِ؛ لأنّها عَجْمَاءُ، ولا يُخَافِت بقراءته في صلاةِ اللَّيلِ والصُّبح من النَّهار، إلَّا أنَّه يَجهَرُ فيها (٨).

تنبيه على مقصد (٩):

قال الإمامُ: قولُ مالكٍ (١٠): "نزلت هذه الآية في الدُّعاءِ" هذا من العِلْمِ الّذي نبَّهَ عليه مالك في معرض أسباب نُزُولِ الآيات، وليس كما قال عُرْوَة، إنّما نزلت هذه الآية؛ لأنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - كان يُصَلِّي بمكَةَ ويَجْهَر، فإذا سمع المشركون قراءَته سَبَّوا القرآنَ ومَنْ أَنزَلَهُ ومَن جاءَ به، فنزلت الآية المذكورة، ثُمَّ نسخَ اللهُ ذلك بظُهورِ الإسلام (١١).


(١) أخرجه مسلم (١٦٣١) من حديث أبي هريرة.
(٢) رواه ابن أبي شيبة (٢٩٧٤٠)، وأحمد: ٢/ ٥٠٩، والطّبراني في الدّعاء (١٢٤٩)، وابن ماجه (٣٦٦٠) وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٣/ ١٤٢، يقول الهيثمي في مجمع الزوائد: ١٠/ ٢١٠ "رواه أحمد والطبرانى في الأوسط" ورجالهما رجال الصّحيح، غير عاصم بن بهدلة وقد وُثِّق".
(٣) في الموطَّأ (٥٧٩) رواية يحيى.
(٤) الإسراءِ: ١١٠.
(٥) في الدُّعاء زيادة من الموطَّأ.
(٦) جـ: "فقال".
(٧) كما في سماع زيد بن عبد الرّحمن بن مالك، نصّ عليه ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٨/ ١٦٨.
(٨) في الاستذكار: "بها".
(٩) انظره في القبس: ٢/ ٤١٩.
(١٠) في الموطَّأ (٥٧٩) رواية يحيى.
(١١) انظر الناسخ والمنسوخ للمؤلِّف: ٢/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>