للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستثناء والشَّرطِ إذا تعقبت الجمل، هل يرجع إلى جميعها، إلَّا ما أخرجه الدّليل؟ أو إلى أقربها؟ في كلام لهم طويل لهم (١).

وقال علماؤنا (٢): غسلُ الميِّتِ عبادة ليس للنجاسة، والدليل عليه قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "الْمُؤمِنُ لَا يَنجُس بِالْموتِ" فَذَكَرَ الصِّفَةَ في الحُكْمِ، وَذِكرُ الصِّفَةِ في الحُكمِ تَعْلِيلٌ، كأنه قال: لا ينجُس لإيمانه (٣).

وقيل: لو لم ينجُس الميِّت، لما كان ما يبينُ عنه (٤) من أعضائه في حال الحياة نجسًا.

قلنا: ليس للأبعاض حُكم الجُملة في الحقيقة ولا في الشّريعة، فهذا اعتبارٌ فاسدٌ.

المسألة الثّانية (٥):

اختلف العلماء في غسله هل هو للنّظافة أو للعبادة؟ والّذي عندي أنّه تعبَّدٌ ونظافةٌ، كالعِدَّة عبادةٌ وبراءةٌ للرَّحِمِ، وإزالة النَّجاسة عبادة ونظافةٌ، ولذلك يُسَرّح رأسه تسريحًا خفيفًا، خلافًا لأبي حنيفة (٦)؛ لأنّ في تسريحه وصبَّ الماء عليه زيادة في النّظافة، وكلُّ ما حقَّقَ المقصودَ فهو مشروعٌ. وَيُمَضْمَضُ، خلافًا لأبي حنيفة حين قال: لا فائدة في مضمضته؛ لأنّه لا يقذف الماء.

قلنا: مرورُ الماء على المحلِّ وخروجه عنه تّنْظيف له، فإنّه غسل يعمّ جميع البَدَن، فشُرِعَت فيه المضمضة كغسل الجنابة.

فالذي يتحصّل من هذه المسألة؛ أنّ الميِّتَ يغسل للنّظافة وللعبادة؛ لأنّه ربّما كان بَدَنُه نجسًا فيغسل للوجهين.

المسألة الثّالثة (٧): في حقوق الميت


(١) انظر المحصول في علم الأصول: ٣٣/ ب.
(٢) انظر الكلام التالي في القبس: ٢/ ٤٣٧.
(٣) غ، جـ:"قال: الحكم تعليل" والمثبت من القبس.
(٤) غ، جـ: "يتباين" والمثبت من القبس.
(٥) انظرها في القبس: ٢/ ٤٣٧ - ٤٣٨.
(٦) انظر المبسوط: ٢/ ٥٩.
(٧) انظرها في القبس: ٢/ ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>