للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيهِ" (١) والأمرُ يقتضَي الوجوبَ، ولا فَرْقَ بين الصَّلاة على النَّجَاشِي وغيره، وفي حديث آخر أنّه قال: "تُوُفِّيَ في اليَومِ رَجُلٌ صَالِحٌ" فقام فصفّ بهم كما يفعل في صلاة الفَريضة (٢).

ومن أغرب (٣) ما رُوِيَ عن مالكٌ؛ أنَّه استحبَّ أنّ يكون المصلُّون على الجنازة سطرًا واحدًا.

قال الإمام: ولا أعلمُ لذلك وجهًا؛ لأنّه كلما كَثُرَتِ الصُّفُوفُ كان أفضل، وكذلك صحَّ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في أكثر صلاته عليها، وفي الصّحيح في صلاة النّجاشي: "فَقُمْنَا وَراءَهُ صفَّيْنِ" (٤) وفي الصّحيح أنَّه قال: "استَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ" (٥) معناه: سلوا الله المغفرة (٦)، وهو أفضل ما يسأل (٧) له.

المسألة السّادسة (٨):

قال علماؤنا: صلاةُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - على النَّجاشيّ هو مخصوص به لثلاثة أَوْجُهٍ:

أحدها: أنّ الأرضَ دحيت له جَنُوبًا وشِمالًا، ورأى نَعْشَ النجاشي، ورأى أيضًا بَيتَ المَقْدِسِ.

قال المخالفُ: وأي فائدةٍ في رؤيته! وإنّما الفائدةُ في لُحُوقِ بَرَكَتِهِ.

الوجه الثّانِي: أنّ النّجاشي لم يكن له هنالك وَلِيٌّ من المؤمنين فيقومُ بالصَّلاةِ عليه (٩)؛ لأنَّ (١٠) النَّجاشي كان مسلمًا وَليَهُ أهل الشِّرْكِ في بَلَدٍ آخر، فلم يكن له من يقومُ بسَبَبِه، فقام النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - بها.

الوجه الثالِث: أنَّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - إنّما أراد بالصَّلاة على النّجاشيّ إدخال الرَّحْمَةِ


(١) أخرجه البخاريّ (٣٨٧٧)، ومسلم (٩٥٢) من حديث جابر بن عبد الله.
(٢) أخرجه البخاريّ (١٣٢٠) من حديث جابر بن عبد الله.
(٣) انظر الكلام التالي في العارضة: ٤/ ٢٦٠.
(٤) أخرجه مسلم (٩٥٢) من حديث جابر.
(٥) أخرجه البخاريّ (١٣٢٧ - ١٣٢٨)، ومسلم (٩٥١) من حديث أبي هريرة.
(٦) في العارضة: "سلوا له".
(٧) في العارضة: "سأل".
(٨) انظرها في القبس: ٢/ ٤٤٦.
(٩) في القبس: "قال المخالف: هذا محالٌ عادةً، ملك على دينٍ لا يكون له أتباع، والتأويل بالمحال محال".
(١٠) جـ: "ولأنّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>