للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، واستئلاف بقيّة الملوك بعدَهُ إذا رَأَوْا الاهتمام به حيًّا وميّتًا. قال المخالف: بَرَكَةُ الدُّعاء من النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - ومواساته (١) تلحق الغائب (٢).

والذي عندي في صلاة النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - على النّجاشيّ: أنّه عَلِمَ أنّ النّجاشيّ ومن آمن معه (٣) ليس عندهم من سُنَّةِ صلاة الميِّت أَثَرٌ، فعَلِمَ أنّه سيدفنونه بغَيْرِ صلاةٍ، فبادرَ إلى الصَّلاةِ عليه، والمسألةُ عريصة (٤) المدرك، وحقيقتها في "مسائل الخلاف".

وهنا نكتةٌ وهي (٥): إذا تعذَّرَ غسل الميِّت لأمرٍ، فإنّه لا يمنع الصّلاة عليه، لأنّا نحن لا نعلمُ هل غُسِّلَ النّجاشيّ أم لا؟ ولهذا إذا عدم الوضوء لم يمنع ذلك من فعل (٦) الصّلاة (٧) على كلِّ حال.

المسألة السابعة (٨):

قوله (٩): "فكَبَّرَ عَلَيهِ أَرْبَعَ تَكْبيرَاتٍ" صحيحٌ حَسَن (١٠)، ولو كان التّكبير سَبَبًا لزيادة الفَضْلِ، لوَجَبَ زيادة التّكبير، ولما كان أحد أحقّ به مثله، لأنّه أمَّنَ من هاجر إليه من المسلمين وآواهم وأكرمَهُم (١١).

المسألة الثّامنة:

اختلفَ العلّماءُ في التّكبير على الجنازة من ثلاث تكبيرات إلى سَبْعٍ، ولهم في ذلك أحاديث كثيرة، فقد رُوِيَ أنّه كان يُكَبِّر على الجنازة خمسًا وستًّا وسَبْعًا، حتّى جاء موت النّجَاشيّ فكَبَّرَ أربعًا وهو آخر فِعْلِهِ، وعلى هذا أهم أيِمَّة الأمصار لا زيادة ولا نقصان؛ لأنّه أَثَرٌ صحيحٌ لا مَدْفَعَ فيه.

ولما روي أيضًا في الأَثَرِ؛ أنّ جبريل -عليه السّلام- كَبَّرَ على آدم أربع تكبيراتٍ،


(١) في القبس: "ومن سواه".
(٢) في القبس: "الغائب الميَّتَ باتِّفاق الأُمَّة".
(٣) غ، جـ: "به" والمثبت من القبس.
(٤) من القبس: ٢/ ٥٥ (ط. الأزهري): "عويضة".
(٥) انظرها في عارضة الأحوذي: ٤/ ٢٦١.
(٦) غ، جـ: "فضل" والمثبت من العارضة.
(٧) في العارضة: "العبادة".
(٨) انظرها في العارضة: ٤/ ٢٦٠.
(٩) أي قول أبي هريرة في الموطّأ (٦٠٦) رواية يحيى.
(١٠) رواه البخاريّ (١٢٤٥)، ومسلم (٩٥١).
(١١) في العارضة: "فإنّه آمن على الغيب وأكرم المسلمين وآواهم وما ضل عنهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>