للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفنها حتّى يصلّى عليها (١)، فلما كان قد نهى أنّ تدفن حتّى يصلّى عليها، لم تكن صلاتهم دونه تسقط فَرْض الصّلاة عليها.

المسألة الثّامنة (٢):

فإذا ثبت أنّه لا يصلّى على قبرٍ إلَّا بعد أنّ تَفُوت الصّلاة على الميِّت، فبأيِّ شيءٌ يفوت ذلك؟

قال أشهب: تفوتُ الصّلاة عليه خارج القَبرِ، بأنْ يهال عليه التراب ويخرج، وإن وضع اللّبن عليه ما لم يهل التراب عليه.

وروى يحيى عن ابن القاسم؛ أنّ ذلك لا يفوتُ حتّى يُخَاف عليه التّغيير، وأنّه يخرج ما لم يخف التغيير عليه.

وقال أشياخنا: إنّما يفوتُ بالدَّفْنِ، والفراغ من الدّفن هو تسوية التُّراب.

المسألة التّاسعة:

قوله: "فَكَبَّرَ عَلَيهَا أَرْبَعًا" هو الصَّحيح المشهور الثّابت في الدِّين قطعًا، كما بيَّنَا قبلُ.

واختلف العلّماء هل يقف الإمام بعد التكبيرة الرّابعة للدُّعاء أم لا؟

فقال سحنون: يقف بعد الرّابعة ويسلِّم بإِثْرِها.

وفي "الَّتبْصِرَة" (٣) قال ابنُ حبيب: يسلِّم عقب التكبيرة من غير دُعاءٍ، وحَكَى قول سحنون أيضًا.

توجيه:

قال الإمام - ووجه ما قاله سحنون: أنّ التكبير الآخر من صلاة الجنازة، فكان


(١) تتمة الكلام كما هو في المنتقى: " ... فقال: إنّ ماتت فلا تدفنوها حتّى أصلّي عيها، وَرُوِيَ أنّه - صلّى الله عليه وسلم - قال: لا يموتن فيكم ميت ما دمت بين أظهركم إلَّا آذنتموني به، فإن صلاتي له رحمة، روى ذلك في الوجهين أبو عبد الرّحمن النّسوي" قلنا الحديث الأوّل هو في السنن الكبرى (٢١٠٧) عن أبي أمامة ابن سهل، والحديث الثّاني برقم (٢١٦٠) عن يزيد بن ثابت.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٥.
(٣) كتاب "التبصرة" تعليق كبير على المدوّنة، لأبي الحسن علي بن محمّد الربعي، المعروف باللّخمي (ت.٤٧٨) وصلتنا بعض الأجزاء من هذا الكتاب. انظر: ترتيب المدارك: ٨/ ١٠٩، وتاريخ التراث العربي: ١/ ٣/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>