للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبت أنّه لم يغسِّل شهداء أحد وصلَّى عليهم، وبه قال الشّافعيّ (١).

والمسألة عريضة الخلاف، وعمدة أبي حنيفة عموم قوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (٢) وأن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - صلّى على شهداء أُحُد وكَبَّرَ عليهم عَشْرًا عَشْرًا، وصلّى على حَمزة مع كلِّ عَشرة (٣)، والإثباتُ أَوْلَى من النَّفْي كما في كلِّ حديثِ، وهذا أصل مُتَّفَقٌ عليه، وقد تقدَّم حديث أبي مالكٌ الغفاري في الصّلاة عليهم وعلى حَمْزَة (٤)، وكذلك رواه الواقديّ؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - صلَّى على شهداء أُحُد وكَبَّرَ على حَمْزَة سبعين تكبيرة (٥)، وحديث ابن عبّاس أيضًا في الصَّلاة عليهم (٦).

وقال أهل الحديث: أمّا حديث أبي مالكٌ الغفاري فإنّه مُرْسَلٌ؛ لأنّه ليس بصاحبٍ.

وأمّا حديث ابن عبّاس، فيرويه يزيد بن أبي (٧) زياد (٨) وقد اختلَّ في آخِرِ عمره (٩)، وقد رواه أبو داود (١٠)، وقال: أمرَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - أنّ ينزعَ عنهم الحديدَ والجُلُودَ، وأن يدفنوا بدِمَائِهِمْ.

المسألة الحادية عشرة:

قال أشهب في "المجموعة": إذا وُجِدَ البَدنُ بلا رأسٍ له ولا أطرافٍ صُلِّي عليه.

وإذا وُجد الرَّأسُ وأطرافه فقط فلا يصلَّى عليه، ولو وَجَبَت الصّلاةُ عليه لوجبت على أَبْعَاضِهِ وأَسْنَانِهِ وأَصَابِعِهِ وأَنْفِهِ.


(١) في الأم: ٣/ ٣٦٨.
(٢) التوبة: ١٠٣.
(٣) أخرجه أبو داود في المراسيل (٤٢٧، ٤٣٥).
(٤) انظر الحديث السابق.
(٥) انظر هذه الرِّواية في تلخيص الحبير: ٢/ ٢٣٧ (ط. قرطبة).
(٦) أخرجه ابن ماجه (١٥١٣)، والحاكم: ٣/ ١٩٧، والبيهقي: ٤/ ١٢.
(٧) "أبي" زيادة يقضيها السياق.
(٨) هو أبو عبد الله الهاشمي، مولاهم (ت. ١٣٦) قال ابن معين: ليس بالقوي، وقال أيضًا: ضعيف. انظر تاريخ ابن معين: ٢/ ٦٧١، وطبقات ابن سعد: ٦/ ٣٤٠، والتاريخ الكبير: ٨/ ٣٣٤، وميزان الاعتدال: ٤/ ٤٢٣.
(٩) قال ابن حبّان في المجروحين: ٣/ ٩٩ كان صدوقًا، إلَّا أنّه لما كبر ساءَ حفظه وتغيّر، وكان يلقّن ما لقّن، فوقعت المناكير في حديثه، فسماع من سمع منه قبل التغيير صحيح".
(١٠) في سننه (٣١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>