للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صغيرٌ فوجدَ عليه، فقال له رسول الله -صلّى الله عليه وسلم -: "أَمَا يَسُرُّكَ أَلَّا تَأتِي بابًا من أبوابِ الجنَّة إلَّا وَجَدْتَهُ يستفتح لكَ؟ " قالوا: يا رسول الله، أَلَهُ خاصَّةً أم للمسلمين عامَّةً؟ قال: "بل للمسلمينَ عامَّة" (١).

ورُوِيَ عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ أنّه قال في قوله: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (٢) قال: هم أطفال المسلمين.

الفاثدة الثّانية:

قوله في حديث مالكٌ: "إلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ" هو لفُظٌ خرجَ في التّفسير المُسْنَدِ؛ لأنَّ القَسَمَ المذكور فيه معناهُ عند العلّماء هو الوقوف عند المصيبة والرُّجوع إلى الله تعالى فيها، ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (٣) وقوله: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} (٤) معناه وصل ووقف.

وقال (٥) أبو عُبَيْد (٦): "هذا أصلٌ في الرَّجُل يحلفُ ليفعلنّ كذا وكذا، ثمّ يفعل منه شيئًا دون شيءٍ أنّه برَّ بيمينه، فيكون قد برَّ في القليلِ كما برَّ في الكثيرِ" وليس قولُ أبي عُبَيد كقول مالكٌ (٧).

وقوله: "لَم يَبْلُغُوا الحِنثَ" يعني: لم يبلغوا أنّ تجري عليهم الأقلام بالسَّيِّئات والحسنات، وإذا كان الآباء يدخلون الجنَّة بفَضْلِ الله ورحمته، دلَّ على أنّ أطفال المسلمين في الجنَّة؛ لأنّه يستحيلُ أنّ يرحموا من أجل من ليس بمرحومِ، ألَّا ترى إلى قوله: "بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَاهُم" وعلى هذا جمهور علماء المسلمين، إلَّا الملحدة فإنّهم يقولون: هم في المشيئة، وقد بيَّنَّا ذلك في موضعه.

وذكر النّاسُ في الغريب؛ أنّ السِّقْطَ ليظل على باب الجنَّة فيقول: لا أدخلُ حتَّى يدخل أبوايَ.


(١) أخرجه أحمد: ٣٣/ ٤٧٣ (ط. الر سالة).
(٢) المدثر: ٣٨ والحديث أخرجه ابن الطّبريّ في تفسيره: ٢٣/ ٤٤٩ (ط. هجر) وعبد الرزّاق في تفسيره ٢/ ٢٧٠.
(٣) مريم:٧١.
(٤) القصص: ٢٣.
(٥) الظّاهر-والله أعلم- أنّ قول أبي عُبَيْد منقول من تفسير الموطّأ للبوني: ٧٣/ أ - ب؛ لأنّ المؤلِّف لم يلتزم بنص أبي عبيد، وإنّما التزم نصَّ البوني.
(٦) في غريب الحديث: ٢/ ١٧.
(٧) في تفسير البوني: "وليس يقول مالك -رحمه الله- بذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>